تُشكّل المقاطع في الشبكة والفيديوهات التصويريّة لكثير من المغنّيات الأمريكيّات الشابات في السنة الأخيرة تعبيرا آخرَ، مُكرّرا بصورة نسبيّة، لتوجّه عالميّ يمكن تسميته ببساطة “الاندفاع نحو الأرداف”.
إذا فاتكم الأمر، المؤخرة، وليس أيّ شيء سواها، قد أصبحت عضوَ الجسم الأكثر اتّقادا في السنة الأخيرة. إذ تقوم النساء بتكبيرها، بتحديد شكلها حسب رغباتهن، بكشفها، ويُكرّس لها مشاهير الثقافة والموضة المسرحَ المركزيّ. الثديان؟ أهناك أحد يتذكّرهما حتّى.
بداية الثورة
إذا أردنا أن نرصد اللحظة التي صعدت فيها ثورة الأرداف الكبيرة خطوةً، من الممكن الإشارة إلى الظهور الاستفزازي لمايلي سايرس في حفل توزيع جوائز الـ MTVالعام الماضي (2013). صعدت سايرس، التي كانت حتى تلك الفترة نجمةَ قناة الأطفال الأمريكيّة “ديزني”، وسابقًا المحتجة ذات الرغبة بالبروز بشكل هائل، إلى المسرح مُرتديةً لباسًا داخليًّا بلاستيكيًّا بلون الجسم، إذ انحنت للأمام وحرّكت أردافها ومؤخرتها فاركة إياها بمناطق حساسة من جسد المغنّي الذي رافقها في الحفل.
https://www.youtube.com/watch?v=N7km0MRajhs
أثار هذا المقطع غضبا عارما وتحوّل لأكثر الأشرطة مُشاهدة على موقع يوتيوب لهذا العام. تعلمنا جميعًا تعبيرا جديدا: Twerking (الرقص الجنسيّ).
رأت تايلور سويفت، مغنيّة الجيل الصاعد، أنّه من الجيد أن تغنّي أغنية Shake It Off، وذلك في فيديو مصوّر أصدرته الشهر السابق إذ قامت هي أيضا بالرقص وتحريك أردافها تناغما مع روح العصر.
توقّعت سويفت حدوث ضجة بعد ذلك، لكن ليس نوعَ الضجة التي حدثت فعلا إثر ذلك. إذ أدى شريطها المصوّر إلى موجة اتهامات عنصريّة، لأنه عرضَ رقص الباليه من جهة، والذي أدّته راقصات فاتحات البشرة بلباس كلاسيكيّ، والرقص الشهوانيّ Twerking من الجهة الأخرى، والذي قامت بتأديته نساء سوداوات البشرة مُرتدياتٍ سراويلَ ممزّقة.
بداية التوجّه الدارج
الحقيقة هي أنّ “رقص المؤخّرة” معروف لعالم الموسيقى مُسبقا مذ سنوات الثمانين، وفي وسط الجماهير اللاتينيّة والأفريقيّة-الأمريكيّة فإنّه ذو شعبيّة منذ سنوات بعيدة.
أما مَن نقل هذا الرقص من الخلف نحو مقدّمة المسرح فهنّ نجمات الهيب هوب. واحدة منهنّ هي من أعضاء لجنة التحكيم لبرنامج أمريكان آيدول والمغنيّة من أصل جامايكي، نيكي ميناج، والتي تعتني بإظهار مؤخرتها (بالمُناسبة، الادعاء السائد في الشبكة هو أنّ ميناج قد زرعت مادة السيلكون من أجل تكبيرها).
وما يبدو ذا وقع سلبيّ عند فعل سايروس وسويفت له، يظهر ذا صورة مُغايرة كلّيا عندما تكون ميناج هي الفاعلة. كسّر الفيديو التصويريّ لها في أغنية “أناكوندا” جميعَ سجلات “عبادة المؤخرة”. ولمدة ما يزيد عن أربع دقائق، ما صُوّر كانَ لقطات لتحريك مؤخرتها.
طرأ في السنة الأخيرة ارتفاع بنسبة 58% في عمليات رفع المؤخرة في الولايات المتحدة
زاد البحث عن كلمة Butt في موقع جوجل بنسبة 200% في السنوات الخمس الأخيرة
ارتفع البحث عن التعبير Big ASSبنسبة 300% في السنوات الثلاث الأخيرة
حاليّا، لدى سوق العمليات التجميليّة 3 طرق أساسيّة لتكبير المؤخرة: زرع السيلكون، زرع الدهن وحقن الدهن والسيلكون
عادت الأوراك الحسّيّة إلى الموضة بشكل هائل، قُذِفَ صدر باميلا أندرسون جانبًا. وليس “رقص المؤخرة” الدليلَ الوحيدَ على ذلك. هذه، على سبيل المثال، صورة مؤخرة كيم كردشيان التي حمّلتها بعد ولادتها، وكادت أن تُفجّر موقع تويتر.
على العموم، تُعتبر كردشيان إحدى القادة للثورة الجماليّة هذه، ومؤخرتها هي النجم الأسطع في قسم كبير من الصور التي تُحمّلها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي استطلاع رأي أقيم مؤخرا على يد الصحيفة البريطانيّة The Sunday People، تبيّن أنّ 68 بالمائة من النساء في بريطانيا يُفضّلًنَ اليومَ ما يُسمّى بـ “المظهر الناعم”، كالذي يُبرز المُنحنيات الطبيعيّة ولا يثير القلق من بعض الشحوم الواضحة.
الموضة أيضا تطرّقت إلى موجة إبراز شكل المؤخّرة
جانب آخر من الموضوع حول المؤخرة، هو الشعبية المتزايدة لتدريبات سبك المؤخرة، الملقّبة بـ Squat Jumps، التي تحبّ نجمات ككلوي كردشيان والمغنية البريطانيّة جيسي جي مشاركتها مع المُشجعين على ممارستها، وبذلك، كأنّهن يقلْنَ أنّ الوقت قد حان لاحترام القسم السفليّ.
هناك توجه محسوس في العالم لنساء يفخرْنَ ويتباهيْنَ يمؤخّراتهن وأوراكهنّ. لفتَ مشاهير ككيم كردشيان ونيكي ميناج الوعيَ للأجسام الوفيرة وزادوا الحبّ لمنحنيات جسم بارزة، وأيضا في إسرائيل يمكن اليومَ إيجاد سراويل جينز التي تُبرِز الحوض، المؤخّرة والوركَيْن.
تحبّ النساء، من جميع الأحجام، أن تكون مؤخراتهنّ ذات مظهر لائق، إذ تعمل شركات الموضة كلّ الوقت من أجل إعطائهنّ الحلّ المثاليّ. هناك نماذج من بناطيل الجينز تدمج بداخلها منحوتا ما يحوي المؤخرة ويجمّلها، مع ألياف مرنة تجعلها مُريحة جدا.
عملية جراحية للمؤخرة، يتوفّر هذا أيضًا
وماذا يحدث لتلك التي لم تُمنَح المظهر الطبيعيّ وليس لديها وقت أو رغبة للتعرّق في صالة الرياضة من أجل تحسين مظهرها؟ بذلك، تدخل هنا العمليات التجميليّة لإطار الصورة.
أظهر استطلاع للرأي أقيم هذه السنة على يد مركز دراسة أمريكيّ أنّه في السنة الأخيرة قد طرأ ارتفاع بنسبة 58 بالمائة بما تلقّبه الولايات المتحدة بـ”عملية رفع مؤخرة برازيليّة”، أو باختصار – عملية لنفخ المؤخرة. وحسب الجمعية البريطانيّة للجراحة التجميلية، فإنّ شعبيّة عمليات حقن الدهن إلى داخل المؤخرة قد تجاوزت شعبية عمليات نفخ الشفتين التي كانت الأمر الدارج في نهاية سنوات التسعينات وسنوات الـ 2000 الأولى. وهناك أيضا مَن يتنازلْنَ عن إجراء العمليات الجراحيّة، ويقُمْنَ بامتلاك الاكتشاف العصري الجديد بالموضة: بناطيل وملابس داخليّة تزيد حجم المؤخرة بواسطة بطانة أو حشية داخليّة.
انتقاد ثورة المؤخرة
http://instagram.com/p/sgE3IeOS0H/
لكن إلى جانب هذا الإدراك الدارج، الذي يرى عمليات تكبير المؤخرة كميزة نسائيّة، هناك مَن يرى بذلك عيوبًا وصفات سلبيّة. يدّعي مناهضو هذه الظاهرة أنّ الاستمتاع بالأمور الجنسيّة والجسد الأنثوي هو أمر مدهش من جهة، إذ يتم الاستمتاع بالجسم وتصميمه بطريقة للتعبير عن الذات وأيضا بهدف النجاح والازدهار المعيشيّ.
لكن من جهة أخرى، يدور الحديث حول الاعتناء بالمظهر الخارجي الذي، ومن الآن، تكرّس النساء له وقتا، مالا وآلامًا، إلى جانب أجزاء أخرى من الجسم لا تُحصى – الأظافر، إزالة الشعر، تصميم للصدر أو إخفاء التجاعيد.
مجددا، يجب على النساء أن يدفعن، ويخاطرن بإجراء عمليات جراحيّة اختيارية وليست إجباريّة، وبالتالي المعاناة من الآلام من أجل أن تكون امرأة سويّة جميلة ومقبولة في المجتمع. هذه الوظيفة ذات دوام كامل. بدل أن تنشغل النساء بمبادرات وظيفيّة وبتربية النساء على الاستقلاليّة، ينشغلْنَ أكثر فأكثر بالمظهر الخارجي من أجل الملائمة أكثر إلى نموذج الجمال الذي يريده ويرغب به الرجال.
أيًّا كان، يبدو أن ظاهرة المؤخرة الكبيرة ليست وشيكة الانتهاء…