اليوم قبل 11 عاما، في 22 آذار 2004، تم اغتيال الشيخ أحمد ياسين، الذي اعتُبر مؤسس حركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، وزعيمها الروحي. نجا ياسين، الذي أُطلِق سراحه من السجون الإسرائيلية بعد محاولة اغتيال خالد مشعل الفاشلة عام 1997، من محاولة اغتيال لسلاح الجوّ الإسرائيلي في أيلول 2003، ولكن في المحاولة الثانية، عام 2004، أُطلقت باتجاه ياسين ثلاثة صواريخ من طراز “هيلفاير” من مروحيّات قتالية تابعة لسلاح الجوّ عندما خرج من المسجد. وقد قُتل بسبب ذلك ياسين، واثنان من حرّاسه وستّة آخرون، وأصيبَ أيضا اثنان من أبنائه.
في وثائق نُشرت بعد وفاته، تم وصف عدد من اللقاءات التي عقدها الشيخ ياسين مع مسؤولين في الجيش الإسرائيلي خلال الانتفاضة الأولى، قبل اعتقاله من قبل الشاباك الإسرائيلي. أقيم أحد اللقاءات الأكثر إثارة للاهتمام، بعد أسابيع قليلة من بداية الانتفاضة، بين الشيخ ياسين ومن كان وقتذاك لواءً للمنطقة الجنوبية (الذي كان مسؤولا من بين أمور أخرى عن قطاع غزة)، يتسحاق مردخاي (أصبح في وقت لاحق وزير الدفاع في الحكومة الإسرائيلية).
هدفتْ المحادثة إلى تمكين لواء المنطقة من التعرّف “بشكل شخصي ومباشر” على الشخصيات الرئيسية التي حرّكت عجلات الانتفاضة. وقد جرى اللقاء في مقرّ الكتيبة، في الطابق الثاني من مبنى الحكم العسكري، حيث اضطرّ عدد من الضباط إلى جرّ ياسين للطابق الثاني على كرسي العجلات الخاص به. وبالطبع، فقد وعدوه مسبقا قبل اللقاء بالحفاظ على أمنه الشخصي.
وفقًا للوصف، فقد جرت المحادثة باسترخاء، وباحترام، وبشكل غير رسمي، على النقيض تمامًا من الأجواء القتالية التي كانت سائدة في الشارع الفلسطيني بغزة في تلك الفترة منذ بداية الانتفاضة. أكرم لواء المنطقة الشيخ ياسين بتشكيلة من الكعك التي كانت مقبولة في مثل هذه اللقاءات، وبسبب إعاقة الشيخ فقد ساعده بيديه على تناول الكعك.
بعد ذلك، عرض الشيخ مواقفه بتوسّع، دون انقطاع، وأعلن، وهو يجلس داخل مبنى الجيش وأمام اللواء الإسرائيلي، كيف يطمح إلى القضاء على وجود دولة إسرائيل والاحتلال، وذلك دون أن يصف طرق عمل حماس وقت الانتفاضة، كما يبدو لتجنّب إدانة نفسه.
وقد وصف كلامه بالتفصيل اللواء الاحتياطي دافيد حاخام، في ملفّ التحقيق الذي نشرته جامعة حيفا بعد وفاة الشيخ. يُعتبر اللواء حاخام أحد أكبر الخبراء الإسرائيليين في كلّ ما يتعلّق بحماس، وقد التقى مع ياسين عدّة مرات خلال حياته. ويقول حاخام في الملف أيضًا، إنّه رغم محاولات اغتيال ياسين، وإدراكه بأنّه “في مرمى” إسرائيل، فقد واصل حياته العادية ولم يحاول الاختفاء. وكما ذُكر آنفًا، فقد تمّ اغتياله في 22 آذار عام 2004، وأعلنت السلطة الفلسطينية عن ثلاثة أيام حداد رسمية.