1. يبدو أن الهدف الأساسي من وراء “عملية عاصفة” الحزم بحسب تصريحات الجهات، هو استرجاع شرعية الدولة اليمنية، وتوحيدها من جديد. هذا الهدف جاء متأثرا بالحوادث التي شهدها الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، عندما انحلّت الدولة العراقية إلى أجزاء، وكذلك الدولة السورية التي ما زالت تتمزق منذ أربع سنوات بسبب الحروب الأهلية، وتعاني هاتان الدولتان من قبضة تنظيم داعش ومن تطاول طهران الموجع.
من الممكن اتهام كل جيش بأنه يستعد للحرب السابقة. اتهم الإسرائيليون الجيش الإسرائيلي عام 1973 أنه لم يكن مستعدا للحرب القادمة، بل للحرب السابقة عام 1967. الانطباع العام هو أن السعوديين ليسوا مستعدين لارتكاب الخطأ الذي وقعت به سوريا، وإرخاء الحبل في الداخل السعودي حتى تخرج الأمور عن السيطرة. في حالة اليمن، لقد سارعوا في تكوين ائتلاف واسع قدر المستطاع لتوجيه ضربة قاضية نحو الحوثيين (وبالطبع أيضا نحو إيران).
2. عبرة أخرى تستقيها السعودية من التجربة السورية هي الخروج والابتعاد عن الظلامية. فقد أدارت السعودية خلال سنوات حربا سرية ضد نظام بشار الأسد، وحاولت أن تنشئ شبكة سرية من أحلاف غير معلن عنها تؤدي في نهاية المطاف إلى سقوط بشار الأسد. وكانت النتيجة خروج الحرب عن السيطرة، وعدم حسمها حتى اللحظة الحالية. في هذه المرة، تعمل السعودية بشكل واضح ودؤوب، وكان من السهل عليها أن تبرر ذلك بسبب وقوع اليمن على حدودها، بخلاف سوريا.
3. هناك تطلّعات أنّ انتصار عملية “عاصفة الحزم” من شأنها أن تمنح السعوديين، وربما المصريين أيضا، “شهية” واسعة تجعلهم يواصلون رحلتهم العسكرية لنيل مصالح سياسية حيوية أيضا في ليبيا، وربما في العراق وسوريا أيضًا. من المبكر جدا أن نعلم إن كان هذا ما سيحدث حقا، إلا أن عواقب ذلك من الممكن أن تكون مصيرية.
4. لا يكاد يُذكر الآن بأنه بعد الانتصار العسكري في اليمن ستكون هناك حاجة لإيجاد حل اقتصادي ووطني شامل، يشمل مشروعًا طويل الأمد لمداواة هذه الدولة العليلة، حيث تصل نسب البطالة فوق أكثر من 55%. هذه مسؤولية ملقاة على عاتق السعودية والجامعة العربية، ولا تقل أهمية عن المسؤولية التي أخذتها على عاتقها في الضربات العسكرية الموجهة نحو صنعاء. وهذه هي الطريقة الأفضل لتقليص إمكانية حدوث حرب أخرى مع اليمن في المستقبل.
5. حاليا، الرابح الأكبر من وراء هذه الحرب هي قطر، وليس من المفاجئ أنّ الشيخ تميم يُظهر مرة أخرى قدراته المبهرة في المناورة السياسية. فقد استطاع أن يحسّن علاقته مع مصر، كما يبدو، وأن يعيد السفير إلى القاهرة مرة أخرى. وأيضا فهو يتعامل الآن مع دول الخليج الأخرى التي كان هناك صراع معها في الماضي كالشريك الذي لا له ولا عليه. من المثير للاهتمام أن نعرف إن كانت هذه العملية تدلّ على رجوع قطر إلى حضن المحور المعتدل للدول العربية، أم أنّ هذا الائتلاف الذي يضمها سينحلّ ريثما تنتهي العملية.