”أنا لا أعرف ماذا يريد هذا الرجل، ولماذا يتصرف بهذا الشكل”. هكذا وصف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه، مؤخرا انطباعاته من أسلوب تصرّف رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وهاجمه بشكل غير مسبوق.
يبدو أن عبد ربه الذي وقف طوال السنين إلى جانب عباس مقابل الهجمات الجامحة من قبل حماس ضدّ حكومة رام الله، فقد صبره. هذا ما يظهر من محضر اجتماعه مع عضو اللجنة التنفيذية حنا عميرة والذي نشرته وكالة “صفا”.
بحسب كلامه في الاجتماع، الذي جرى بتاريخ 26 تشرين الثاني، ظهر أنّ مصدر الصراع بين عبد ربه وعباس هو نية الأخير بتجريد عبد ربه من صلاحياته المالية والإدارية المستمدّة من منصبه كأمين سر اللجنة التنفيذية، وتحويلها إلى مدير الصندوق القومي الفلسطيني، رمزي خوري.
“يريد أبو مازن تركيز جميع الصلاحيات لدى الموالين له، ويتصرف بشكل ديكتاتوري ويريد الاستحواذ على كل شيء لاسيما ما يتعلق بالمال”
قال عبد ربه في المحادثة: “يريد أبو مازن تركيز جميع الصلاحيات لدى الموالين له، ويتصرف بشكل ديكتاتوري ويريد الاستحواذ على كل شيء لاسيما ما يتعلق بالمال”. وكمثال على ذلك قال إن عباس حاول إصدار أمر غير قانوني لإقالة أمين سر المجلس التشريعي، إبراهيم خريشة، بعد أن أطلق الأخير تصريحات ضدّ رئيس الحكومة الحمد الله.
قال عبد ربه إنّ عباس يخطئ عندما يحاول التوجه مجدّدا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث ليس هناك احتمال بأنّ يحصل الفلسطينيون على الاعتراف، حتى لو لم تستخدم الولايات المتحدة حقّ “الفيتو” الخاص بها.
وبحسب كلامه، فإنّ عباس معنيّ بأن يفشل التوجّه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة دون استخدام حقّ النقض، وذلك لأنّه “لا يريد إحراج أمريكا”. بالإضافة إلى ذلك، أوضح عبد ربّه أنّ عباس لا يريد التوجه بطلب الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وأيضا، كشف عبد ربه عن لقاء عباس مع رئيس الشاباك الإسرائيلي، يورام كوهين، في منزله، وأنه ناقش معه خطوات تهدئة الأوضاع في القدس وإعادة الثقة بين الطرفين. وقال عبد ربه إن عباس وافق على كلام كوهين، وقال إن أي خطوات إسرائيلية لبناء الثقة يمكن اتخاذها بمعزل عن المفاوضات.
إنّ الخلاف مع عبد ربه هو خطوة أخرى في تراجع مكانة عباس في أوساط القيادة الفلسطينية، التي يترأّسها منذ وفاة عرفات في تشرين الثاني عام 2004. وقد ظهر في السنوات الماضية، علنا، الصراع الكبير بين عباس ومحمود دحلان، الذي طُرد من قبله من حركة فتح. ويبدو الآن أنّ عباس يفقد أحد شركائه الأكثر ولاءً على مدى السنوات العشر الأخيرة.