تتجه الأنظار في هذه الأيام إلى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، الموساد، في أعقاب كشف رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن أن إسرائيل وضعت يدها على الأرشيف النووي الإيراني، إذ حفلت الصحافة الإسرائيلية بالتفاصيل حول العملية المعقدة والخيالية التي قام بها الموساد في طهران للوصول إلى المواد الدقيقة المحفوظة في مكان سري. تعرفوا إلى الجاسوس رقم 1 في إسرائيل الذي قاد هذه العملية.
وُلد يوسي كوهين (57 عامًا) في حي كاتمون، في القدس، لأم مُعلمة ولأب ناشط في منظمة “الإتسيل” (المنظمة العسكرية الوطنية في أرض إسرائيل، وهي مُنظمة عسكرية سرية يهودية تأسست عام 1931، في القدس). وهو مُتزوج من ممرضة تعمل في مستشفى في القدس، وأب لأربعة أولاد (أحدهم يعاني من إعاقة جسدية جرّاء إصابته بشلل دماغي).
درس كوهين في شبابه علوم الديانة اليهودية. وفي عام 1984، حين كان لا يزال في الـ 22 من العمر، التحق بالموساد. وخدم كضابط جمع معلومات، وكرئيس بعثة الموساد في أوروبا. أنجز كوهين تعليمه الجامعي بامتياز فائق وحاز على اللقب الأول في العلوم الاجتماعية. وعمل قبل اختياره رئيسا للموساد مستشار نتنياهو للأمن القومي، وكان رئيس المجلس للأمن القومي الإسرائيلي.
يلاحظ أن للدين دورا هاما في حياة رئيس الموساد، فعدا عن أنه إنسان مؤمن، فهو يحرص على زيارة الكنيس في الأعياد اليهودية لأداء الصلاة. ويحافظ على أسلوب حياة رياضي، يهوى العداء للمسافات الطويلة، ويحافظ على نظام غذاء صحي.
يُعرف كوهين في الموساد بلقب “عارض الأزياء” – وهذا بسبب مظهره وبفضل ملابسه المُصممة- فهو عادة يرتدي القمصان المُزررة، والتي تكون بيضاء اللون على الأغلب، وتكون مكوية ومرتبة دائما. يصفه زُملاؤه بأنه يتحلى بأناقة أوروبية: لا يمضغ العلكة ولا يتسلى ببذور عباد الشمس، وحتى في أيام الصيف الحارة جدًا في شهر آب فلا يُمكن رؤيته وهو ينتعل صندلاً.
إنما إلى جانب ترتيبه الشديد، يقول عنه زُملاؤه إنه يُظهر تعاطفًا إنسانيًا كبيرًا ولديه قدرة كبيرة على التواصل مع الآخرين. هذه الصفات هي المسؤولة، من بين صفات أُخرى، عن قدرته على تجنيد عُملاء في دول الهدف. لقد ميّزته قُدرته الكبيرة على نسج العلاقات – داخل الجهاز وخارجه – منذ سنوات خدمته الأولى في الموساد. فترقى، مع السنين، في سلم المناصب من رئيس لقسم تجنيد العُملاء، وثم أصبح نائبًا لرئيس الموساد.
ويقول مسؤولون في الموساد ومقربون منه إن أحد التمارين الأولى التي اعتاد أن يُمررها في الدورات هي أنه كان يطلب من المُتدرب الجديد أن يصعد إلى شقة، عشوائيا، في الطابق الثالث، في مدينة تل أبيب، وأن يُقنع صاحب الشقة، بطرق مُختلفة، أن يخرج إلى الشُرفة ويُشير بإصبعه، بإرادته، إلى شجرة في الجهة المُقابلة من الشارع. فمن كان يفشل بهذه المهمة ولم ينجح بإقناع القيام بها كان يعتبره غير مُلائم.
حصل كوهين على جائزة أمن إسرائيل على مشروع سري قاده، وصف بأنه مشروع أدى إلى اختراق كبير في الاستخبارات الإسرائيلية.