بعد أن صنع السلام مع كوريا الشمالية أو أيا كان الأمر، الإدارة الأمريكية تسعى إلى تحقيق وعود أخرى قطعها الرئيس أثناء الحملة الانتخابية (وعود يحققها، إذا لم تنتبهوا إلى ذلك)؛ سلام بين إسرائيل والفلسطينيين أو باسمها الآخر، “صفقة القرن”.
نهاية شهر رمضان، هذا هو الموعد الذي ذُكرَ بصفته فرصة لعرض البرنامج الأمريكي. سيزور كوشنير وغرينبلات إسرائيل، السعودية ومصر، وسيجريان محادثات أخيرة بهدف معرفة هل من المجدي أصلا عرض أي برنامج، وإذا كانت الإجابة إيجابية، ماذا يجب عرضه. نقدم لكم لمحة عن الأحداث، صحيحة حتى يومنا هذا:
1. يمكن أن يلاحظ دقيقو النظر أنه لم يُحدد لقاء مع “أبو مازن”، أو مع أي فلسطيني آخر. ولم يحدث ذلك لأنه لم تتم المحاولة بكل الطرق، بل لأن أبو مازن متمسك بآرائه ويرفض التساهل في مقاطعته للإدارة الأمريكية. أعلن أبو مازن، يوم أمس، بواسطة الناطق باسمه أن الصفقة “ولدت ميتة”، وحتى أنه أرسل مؤيديه من حركة فتح للتظاهر ضدها. الفلسطينيون يتحدثون عن “صفقة القرن” بنفس الازدراء الرفض المحفوظ ل “وعد بلفور”.
2. كما ذُكر آنفًا، حاول الأمريكيون التوصل إلى تسوية مع أبو مازن بطرق مختلفة منها عبر ابنه طارق (كان يمكن لإدارة خبيرة ومنظمة أكثر أن تفحص ما قصة الابن، عندها كانت ستكتشف بسهولة أنه يعارض أصلا حل الدولتَين ويدعم حل الدولة الواحدة).
3. هناك طرق أخرى تسعى فيها الإدارة الأمريكية إلى التأثير على أبو مازن: طرح برنامج متوازن أكثر من جهة الفلسطينيين، يستند إلى تجارب سابقة، وتعهد الإدارة ألا تسعى إلى التوصل إلى زعيم فلسطيني آخر لعقد الصفقة معه. ولكن ما زال أبو مازن غارقا في شؤونه، ولا يكترث. نقل السفارة إلى القدس طبعا زاد من تمسك الرئيس الفلسطيني بآرائه أكثر فأكثر إزاء ترامب وإدراته.
4. بسبب اليأس من الفلسطينيين، يعلق كوشنير وغرينبلات آمالهما على العرب، لا سيما على السعودية. الهدف: ألا يعارض العرب الصيغة التي ستُعرض. إن التحدي الذي يقف أمام السعودية ليس سهلا في ظل الضجة التي يثيرها الفلسطينيون بمساعدة قطر وإيران. هناك اتهامات أيضا موجهة للسعودية التي تمارس ضغطا اقتصاديا على الأردن لدعم برنامج ترامب.
5. بما أنه لا يمكن اتخاذ أية خطوات مع أبو مازن، أي مع الضفة الغربية، أصبحت الأنظار موجهة نحو غزة، إذ تدور حولها معظم النقاشات. يعتقد غرينبلات المتأثر جدا من القيادة الأمنية الإسرائيلية والمقرب منها، أن التخفيف عن الضائقة الإنسانية لمواطني غزة هو حاجة ضرورية ومصلحة إسرائيلية. هل سيتجند الجميع لإعادة تأهيل غزة فيما عدا الرئيس الفلسطيني؟ إذا حدث ذلك فهذه ليست المرة الأولى.