في كل مرة ينتاب الغضب الموسيقيّ الإسرائيلي، نوي ألوش، البالغ من العمر 35 عامًا بسبب أقوال السياسيين في الإعلام، فيحولها لأغاني راقصة، ويرفعها على اليوتيوب. وبهذا تحوّل إلى أحد الإسرائيليين الناجحين في الشبكة. من بين صرعاته الأخيرة: “أغنية لنائبة الكنيست اليمينة المثيرة للجدل “ميري ريغف- قل لي يا بيبي- أنت غبي؟” “بيبي – shake shake”، سارة نتنياهو تغني أغنية سارّة”، “والقذافي- زنقة زنقة”.
“أجعلُ تصريحاتهم تبدو مثل أغنية محمومة تجارية بواسطة الموسيقى الحالية والمتلونة التي تلائم عالم اليوتيوب، والجمل المفتاحية سهلة الهضم. أنا أصدّرُ أفلاما مع إيقاع بأسلوب “Shake Shake” و “زنقة زنقة”. الجمل السياسية تصل لشريحة أكبر من الجمهور إذا ما مرت بصياغة موسيقية تغلفها”، هذا ما يقوله ألوش حين سُئل عن كيفية نجاحه في تحويل السياسيين الرماديين إلى نجوم لامعين في اليوتيوب.
المقاطع القصيرة التي يصنعها ألوش هي أشهر من نار على علم في عصر الاحتجاجات الاجتماعية في الشرق الأوسط. تُستحضر المواد التي يعمل بها مباشرة من التلفاز، في نفس الوقت الذي تحدث فيه. إنه يعمل سريعا، يطلع على الخطابات والأحداث التاريخية المهمة، يقرر التوزيع الموسيقي والموسيقى التي ستلائم النظرة الاحتجاجية التي يريد أن يوصلها عبر المقطع ثم يصدره. بعد أن ينتهي من صياغة المواد التي بيده، يبحث أين يمكن له أفضل ما يمكن أن ينشر الأفلام، في أي مواقع ومستخدمي تويتر مختصين في مواضيع يتحدث عنها المقطع وفي مدوّنات. ما تبقى يجري وحده. يفهم المتصفح الذكي المغزى ويشارك به أصحابه.
أحد المقاطع الأشهر والأكثر مشاهدة مما صنعه كان مقطع “زنقة زنقة” الذي نُشر في 22 شباط 2011. “لقد احتوت أغنية “زنقة زنقة” على إعادة صياغة أغنية “Hey Baby” لمغني الراب بيتبول ودمج فيها مقتطفات من خطاب معمر القذافي، حاكم ليبيا السابق، الذي يظهر أيضًا في الفيلم بجانب الراقصة. بعد أن حصل على طلبات من مسلمين كثيرين، نشر ألوش نسخة أخرى للفيلم، لا تظهر فيها الراقصة. حسبما يقول ألوش، صارت الأغنية شعبية في أوساط المعارضة الليبية بل وجعلت القذافي يأمر أتباعه “بتحضير أغنية رد”، لكن استخدمها أيضا مؤيدو القذافي. حظي الإنتاج الأصلي لألوش، على أكثر من 5 ملايين مشاهدة. في أعقاب نجاح المقطع، ذكر ألوش في الإعلام الإسرائيلي أن انقلابيين إيرانيين توجهوا إليه وطلبوا منه أن يحضر لهم مقطعا احتجاجيا وانقلابيا ضد حكم آية الله في إيران.
وأيضا تلقت السياسة الإسرائيلية الكثير من التهكم من ألوش. كان رئيس الحكومة الإسرائيلية نجم الكثير من المقاطع التي صنعها ألوش في أيام الاحتجاج على الغلاء في إسرائيل عام 2011. كانت أغنية “بيبي Shake shake” تعبيرا عميقا عن رغبة الشعب في استبدال القيادة التي لا تفهم تمامًا ما هي إرادة الشعب. حاول ألوش أن يُظهر بواسطة المقطع كيف يتحدث السياسيون بلغة أكل الدهر عليها وشرب. في نفس السنة سارع إلى الإعلان في الإعلام العالمي أن الدولة هي الدولة الوحيدة المستقرة في الشرق الأوسط ومن ناحية أخرى لديها تجاهل تام من الغضب والاحتجاجات الاجتماعية التي اندلعت في صيف 2011 في إسرائيل كرد على غلاء المعيشة وضائقة السكن للشباب. ما زالت ترافق هذه الثغرات الاجتماعية ألوش في صناعته اليوم إذ لم تنجح المنظومة السياسية بقيادة نتنياهو في الصمود أكثر من سنتين وانهارت أمام غلاء المعيشة، مشاكل الأمن الصعبة وضائقة السكن التي تزداد سوءا وانتشار الفقر.
كذلك ينتقد ألوش أيضا نجم السياسة الإسرائيلية الذي خبا أواره، وزير المالية الأسبق الذي أقاله نتنياهو في الأيام السابقة، يائير لبيد. في أغنية الاحتجاج “منقطع”، يظهر ألوش انقطاع نتنياهو ولبيد عن إرادة الشعب غير المعني بانتخابات جديدة وكم خيبة أمل الإسرائيليين عميقة من “سياسة الكراسي” للرجلين اللذين وعدا بالتخفيف عن عبء المجتمَع الإسرائيلي وفشلا ثانية كما هو متوقع.
يستمر ألوش في هذه الأيام بمتابعة السياسة الإسرائيلية والشرق الأوسط ويتنظر تفوهات الساسة كي يصنع المقطع الاحتجاجي القادم. “لقد كنت الأول. لقد احتللت مكانا غير قائم وهو “المزج السياسي” وتحولت إلى من ينتظر الجميع ما يقوله حين يقع حدث سياسي. غيّر هذا بلا شك حياتي. هدفي الآن هو الصعود للدرجة القادمة وإنتاج شيء جديد فعال. هذا عالم جديد وعجيب. كل إنسان يتحلى بموهبة أساسية، أفكار جيدة، أو لديه قطة لطيفة، يمكنه أن يصنع الكثير من المال ويوصل المغزى الذي يريده”.