بعد غزو الولايات المتحدة لأفغانستان (تشرين الأول 2001) انقسمت حركة الجهاد العالمي، عندما هربت القيادة (بزعامة بن لادن، نائبه الظواهري وآخرين) إلى الحدود الباكستانية – الأفغانية. انتقل آخرون إلى إيران ومن هناك في نهاية المطاف إلى العراق. ومن بين هؤلاء، كان الأردني المسمّى أبو مصعب الزرقاوي، الذي بدأ يعمل في البلاد بعد الغزو الأمريكي للعراق عام (2003) على رأس تنظيم “التوحيد والجهاد”.
كان هذا التنظيم وراء المئات، إنْ لم يكن الآلاف، من العمليات الإرهابية القاتلة ضدّ السكان الشيعة في العراق، وضدّ القوات الحكومية وقوات حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة. يعتبر الزرقاوي نفسه مسؤولا عن عدد كبير من عمليات الإعدام للمخطوفين والرهائن الذين تمّ توثيق عمليات قتلهم ونُشرت في الإنترنت. وقد بلغ تعداد أفراد التنظيم، وفقًا للتقديرات، المئات من العناصر، ولكن رغم أنّه لم يكن كبيرًا من الناحية الكمّية، فكان لا يزال يعتبر إحدى الجهات الأكثر خطورة في العراق.
https://www.youtube.com/watch?v=v5GEYvvG-yI
في عام 2004 بايع الزرقاوي زعيم القاعدة حينذاك أسامة بن لادن، واعتمد اسم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”. بعد عامين من ذلك، في حزيران 2006، تم اغتياله من قبل الأمريكيين، وانقسم تنظيمه إلى قسمين: قسم استمرّ تحت الاسم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” وقسم آخر تحت اسم “مجلس شورى المجاهدين”. نشأ من التنظيم الثاني في النهاية تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق”، والذي اعتمد – بعد دخوله إلى الحرب في سوريا – اسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”. وتضمّ داعش في تجسّدها الحالي جيشًا من آلاف المقاتلين (تشير التقديرات أنّ عدد عناصر التنظيم هو 7,000 مقاتل) وعدد كبير من المؤيّدين، الداعمين والمساندين في جميع أنحاء العالم.
“هذا هو الوقت لنسيان الظواهري”، هكذا كتب محلّلون ومؤرّخون خبراء في دراسات الشرق الأوسط في الإعلام العالمي: “من اليوم فصاعدًا فإنّ زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، هو الذي يمثّل أكبر مصدر إلهام بالنسبة للجهاد العالمي”. وتدعم مجلة “تايم” المرموقة هذه الادّعاءات، وقد اختارت البغدادي ليتألّق في قائمة أكثر 100 شخصية مؤثّرة في العالم للعام 2013. وقد عرّفت صحيفة “واشنطن بوست” زعيم داعش باعتباره “الزعيم الجهادي الأقوى”، ويصفه آخرون بأنّه “أسامة بن لادن الجديد”، على ضوء حجم التأييد والشعبية التي يحظى بها لدى الجهاديين في جميع أنحاء العالم.
أبو بكر البغدادي- منافس القاعدة
أبو بكر البغدادي هو الرجل الذي حوّل القاعدة في العراق إلى تنظيم داعش- التنظيم المستقل الذي يًسيطر في الأسابيع الأخيرة على كل أجزاء الدولة ويهدد بالسيطرة على مساحات أوسع أخرى في الشرق.
https://www.youtube.com/watch?v=7V-jXpuO-AA
وُلد البغدادي في 1971 في سامراء في العراق حتى نهاية اللقب الأول بالجامعة، عاش حياة عادية جدًا. انجذب سريعًا إلى التيار المتطرف الإسلامي وفيما بعد انضم لفرع القاعدة في العراق. لقد أثبت نفسه سريعًا كقاتل وحظي بثمن يقدر بـ 10 ملايين دولار برعاية قائمة المطلوبين الأمريكية. “هذه الجائزة ثانوية بالنسبة للجائزة المرصودة لرئيس القاعدة أيمن الظواهري ويمثل التزامنا المستمر لمساعدة شركائنا في المنطقة على إبعاد هذا التهديد من بلادهم”، هكذا صرحت المتحدثة بلسان الحكومة الأمريكية، جين ساكي، بعد أن تولى البغدادي مكانه كقائد للتنظيم.
لم يُلق القبض عليه منذ تصريح البيت الأبيض فحسب، بل وازداد وحشية وخطرًا. تحت قيادته، ازداد عدد التفجيرات في العراق، كذلك انضم هو ومقاتلوه إلى الحرب في سوريا ونفذوا عددًا ليس قليلا من الجرائم، مما أدى في نهاية الأمر إلى الانشقاق عن تنظيم القاعدة العالمي في بداية سنة 2014 وإقامة تنظيم داعش.
منذ ذلك الوقت وهم يدمرون العراق فعليًّا ويدمرون الجيش الذي كانت تموّله وتدرّبه القوات الأمريكية. في سوريا، ينفذون أحكام إعدام على الملأ، وفي العراق يذبحون جماعيًّا أسرى من الجيش العراقي، وأغلبية ذلك موثقة ومنتشرة في الشبكة.
https://www.youtube.com/watch?v=PmMpuBal2Zg
من الغريب أن البغدادي كان في يد الأمريكيين، لكن أطلق سراحه سنة 2009 لأسباب قضائية. حسب أقوال الكولونيل كنث كينج، الذي كان مسؤولا في تلك الفترة عن معسكر الاعتقال بوكا في العراق، عندما خرج البغدادي من بوابات السجن قال له: “نلتقي في نيويورك”.