تحدثت مع شاب عربي، بعد خروجي من مؤتمر النائب فيجلين (من الليكود)، وكان ذلك الشاب من سكان يافا ومن مناصري حزب “الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة”، شيوعي جاء ليقول لفيجلين إنه يدعمه. ما معنى أنك تدعم فيجلين” سألت الشاب، “إن أتيت إلى هنا وأنت ترتدي بلوزة حمراء شيوعية، وكأنك تقول لكل مؤيدي فيجلين إنك من أتباع محمد بركة ودوف حنين. كيف تفسر دعمك هذا؟”
كانت إجابات الشاب مشوّشة. ليس هناك ما يدعو لأن أقول إنه دخن مادة ما قبل أن يدخل المؤتمر، ولكنه بالنهاية اعترف بأن تأييده الشديد لفيجلين (“أنا بالفعل أفضله على نتنياهو”، حسب كلامه)، ينبع من السياسة التي يتبعها فيجلين فيما يتعلق بمادة الماريجوانا.
لم يكن ذلك الشاب؛ ابن يافا، والذي لن أذكر اسمه هنا لئلا أسيء إليه، يعرف من يكون فيجلين أو ما الذي يفعله في الكنيست، لولا مسألة حقوق متعاطي الماريجوانا الطبية التي يقودها فيجلين. وبعد أن سمع عنه، يبدو أنه كان لا يعرف الكثير عن ذلك الرجل.
بالنسبة لفيجلين، وكان قد كُتب الكثير عن ذلك، لا ينضوي تحت أي مظلة سياسية معروفة. حاول قبل يومين من عيد رأس السنة اليهودية، وكان ينتعل صندلاً وبنطالاً قصيرًا ويفترش بطانيات على العشب في منتزه اليركون، أن يجمع حوله الداعمين له من مدينة تل أبيب أو اليساريين الذين قد يستحسنوه. إنما بنهاية الأمر لم يات الكثير من الأشخاص لحضور ذلك الحدث الذي تم التخطيط له مسبقًا ألا يكون احتفاليًا وليس مميزًا.
سبب حضور 120 شخصًا فقط، وليس أكثر، هو أنه من بين أمور أُخرى، وجود سياسي يرتدي بنطالاً قصيرًا وصندلاً ويفترش البطانيات ويجلس على العشب هو ليس بالأمر الاستثنائي بالنسبة لسكان تل أبيب. ربما يجد فيجلين ومناصروه من المثير أن يظهر ذلك الرجل على هذا النحو وهو الذي غالبًا ما يكون مرتديًا البذلات الرسمية ولكن في كبرى المدن الإسرائيلية كل سياسي بالنسبة لهم هو شخصية مملة جدًا.
حول الغيتار، مشواة اللحم الصغيرة والنقانق، زجاجات النبيذ الموزعة والأورغ الخاص بالمغني الداعم آريئيل زيلبر، قرأ فيجلين ومؤيدوه عبارات داعمة بعث بها يساريون داعمون له. “لا عجب بأنهم يدعمونني” تفاخر فيجلين قائلاً. “السبب في ذلك هو لأنني بنهاية الأمر الرجل الوحيد في الكنيست الذي يهتم بحرية الفرد”. حسنًا، جيد. أعضاء حزب ميرتس، العمل، الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة وآخرون كان بإمكانهم أن يثيروا نقاشًا واعيًا معه حول ذلك.
بالنسبة لمن مضى عليه في الكنيست فترة عام وعشرة أشهر نجد أن هنالك نسبة كبيرة من التفاخر في كلام فيجلين، الذي لم ينجح حتى الآن بتمرير ولو مشروع قانون واحد. ربما تميز هو تحديدًا بمسألة العلاقات العامة والتفكير غير المحدود، ولكن تأثيره الفعلي على السياسات عمومًا ضعيف رغم أنه عضو في الحزب الحاكم الذي يدير البلاد منذ ست سنوات متتابعة تقريبًا.
نشر فيجلين خلال عملية الجرف الصامد، والذي يشغل أيضًا منصب نائب رئيس الكنيست (واحد من 7 نواب) ستاتوس على الفيس بوك والذي تحول لاحقًا إلى زاوية في موقع القناة 7 الدينية، وفيه عبّر عن موقفه فيما يخص عرب غزة. تم اقتباس كلامه في المواقع الإخبارية باللغة الإنكليزية على أنه كلام صادر من نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي وعضو مسؤول في الليكود. اقترح “مهاجمة كل هدف عسكري في منطقة العدو، ومن ليس متورطًا فليهرب بسرعة”، ومقولات أُخرى مثل “سيناء ليست بعيدة ولن نمنعهم من الرحيل. وبهذا نستوفي الجانب الإنساني”، “حصار كامل على غزة. لا يمكن دخول أي شيء، سنتيح فقط الخروج منها”، “اعتبارات الدرع البشري غير قائمة” “سيحتل جنودنا غزة”، “تطهير – الشاباك والجيش سيطهران غزة تمامًا إلى ألا يعود إلى هناك أي عدو مسلح”، “غزة جزء من أرضنا وسنبقى فيها للأبد” وغير ذلك.
حققت كلمات “تطهير”، “احتلال”، و”استنفاذ الجانب الإنساني” هدفها. لا حاجة أن يتحمل “فيجلين” مسؤولية كلامه الذي لا قيمة له وتلك الاقتراحات الوهمية، حيث أن مصر هي التي رفضت فتح المعابر وفكرة أن تستطيع إسرائيل أو أية دولة أُخرى أن “تطهر” وألا تتحمل لاحقًا مسؤولية ذلك أمام المجتمع الدولي هي مجرد تهيؤات تجعل فيجلين يبدو بالفعل أنه يتعاطى مواد معيّنة.
لم تحظ مقولاته الرنانة بأي صدى جماهيري داخل إسرائيل وتحديدًا أنه لدى الجمهور الواسع معروف أن فيجلين هو شخص غريب الأطوار وحسب. وهو أبعد ما يكون عن تخطي هذا العامل في حياته السياسية. يُعتبر فيجلين غريب الأطوار لدى الجمهور وبالنسبة لزملائه في الحزب. يغضب مناصروه المخلصون عندما يسمعون هذا ولكن بوجود مواقف متطرفة كهذه ولا يوجد لها صدى في الواقع لا يمكن الوصول للحكم.
ولماذا يثير الاهتمام؟ لأنه تحوّل داخل الليكود إلى قوة هامة، مثير للاهتمام. حتى رئيس الحكومة، نتنياهو، لا يمكنه أن يتجاهله. “يجذب الكثير من المؤيدين الجدد، وهو مفعم بالمفاجآت، أنا أحترمه” هذا ما قاله نتنياهو عن فيجلين في حفل عام، قبل أسبوع، وتلك كانت أول مرة يتطرق إليه في حديثه. حتى ذلك اليوم كان فيجلين مجرد شخص ساذج بالنسبة له. نائب لا يلتزم بمقررات الائتلاف، فضولي، وشخص يحاول السيطرة على الليكود. ولكن نتنياهو أيضًا أدرك أن فيجلين سيترشح مقابله مرة أُخرى لرئاسة الليكود. بينما لا يُفترض أن يخشى نتنياهو الخسارة لصالح فيجلين إلا أنه في كل مرة يحصل فيها الأخير على نتائج ملفتة في الانتخابات نجد نتنياهو يتعرق أكثر. من الجدير بالذكر أنه في الانتخابات السابقة، حين كان فيجلين غير معروف أبدًا ولم يكن نائب كنيست حتى، حصل على 24% من الأصوات.
وبالعودة إلى المسائل التي تقلق مؤيدي فيجلين المخلصين: “كيف سنطرد كل العرب من هنا”؟ صرخ واحد من مؤيديه الذين حضروا النزهة السياسية في منتزه اليركون “نحن نريد ألا يكونوا هنا” وأجابه فيجلين بنبرة لطيفة: “اليهود يقلقونني أكثر لأنه من الصعب إقناعهم. ليس العرب هم مشكلتنا. ولكن الأعجوبة الكبيرة التي لدينا هي أن المرأة القاطنة في تل أبيب والتي تأكل السوشي وتضع وشمًا تنجب من الأطفال ليس أقل مما تُنجب المرأة المولودة في رام الله. هذه أعجوبة! بإذن الرب، الولادات والهجرات اليهودية، مليون ونصف على الأقل سنتدبر الأمر”. فيجلين ليس قلقًا من وجود دولة ثنائية القومية.
هو مقتنع بأن تزايد المهاجرين (“مليون ونصف على الأقل”) مع انخفاض عدد الولادات في المجتمع العربي مع الوعظ لزيادة الإنجاب لدى اليهود، من شأن ذلك تحسين التوازن الديموغرافي لصالح إسرائيل. غريب الأطوار، هل سبق وقلنا هذا؟