يقدّر محلّلون إسرائيليون كبار هذا الأسبوع (تحليل الصحفي، أريئيل كهانا من موقع معاريف الإخباري)أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يعمل بصمت وبسرية كبيرة على مشروعه السياسي القادم. وفق تقديرات السيد كهانا، بات نتنياهو يتلمّس طريقه في أوساط كبار المسؤولين في حكومته، لدفع العملية السياسية قدما برعاية حكومة ترامب القادمة وبمساعدة السعودية.
كما هو معلوم، يكثر نتنياهو من الحديث مؤخرا عن التقارب بين إسرائيل والدول العربية. التقدير الحذر في إسرائيل هو أنّه في السنة الأولى من ولاية الرئيس ترامب، “ستحدث انفراجة في العلاقات مع العالم العربي وعلى رأسه السعودية”، حسب أقوال المحلل كهانا.
جنبا إلى جنب، هناك الكثير من الإشارات التي يعرب عنها مسؤولون سعوديون، لتغيير العلاقات بين الدولتين، لا سيما على ضوء التهديد المشترك، إيران. ويكفي الانسحاب المصري من الاقتراح الأخير المضاد لإسرائيل في مجلس الأمن (القرار ضدّ المستوطنات)، بناء على طلب إسرائيلي والضغط من جهة ترامب، من أجل معرفة إلى أين تهبّ الرياح.
ولكن العائق أمام إقامة العلاقات مع العالَم العربي هو بطبيعة الحال الفلسطينيون. “يرغب نتنياهو حقا في التقدم مع الفلسطينيين. فهو كان مستعدا لتنازلات بعيدة المدى في العملية التي قادها جون كيري، وهدف تصريحه منذ ثلاثة أسابيع أيضا إلى التوضيح أنّه لا يزال يؤمن بالدولة الفلسطينية، ليوضّح أنّ هذا هو موقفه” كما يقول كهانا.
يحاول نتنياهو، رغم حكومته اليمينية، إلى السعي لحلّ دائم للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. هناك من يقول إنّ نتنياهو يعتقد أنّ سياسة “احتواء” الصراع التي دعمها حتى الآن، تفقد أهميتها. إن إقامة كيان فلسطيني فقط، إلى جانب إسرائيل (باعتبارها دولة اليهود)، والتي ستكون وطن معظم الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة والضفة الغربية، ستمكّن من تعزيز هذه التسوية التاريخية.
المبادئ التي يسعى نتنياهو إلى الحفاظ عليها ويختبرها أمام الفلسطينيين:
1.القدس الموحّدة، التي ستتضمن أيضًا المستوطنة الأكبر، معاليه أدوميم وجفعات زئيف، كعاصمة إسرائيل تحت السيادة الإسرائيلية، مع الحفاظ على حقوق أبناء الديانات الأخرى، المسيحية والإسلامية، في حرية الوصول إلى الأماكن المقدّسة الخاصة بهم والصلاة فيها.
2.ستوضع حدود الأمن لحماية دولة إسرائيل، في غور الأردن، بكل معنى الكلمة.
3.عدم العودة إلى حدود 67، من بين أمور أخرى، من خلال الإعلان عن كتل استيطانية مثل “غوش عتصيون”، كجزء من دولة إسرائيل السيادية.
4.كيان فلسطيني، يكون أقلّ من دولة.
بطبيعة الحال، سيرفض الفلسطينيون جملة وتفصيلا مثل هذا المخطط، وعندما يكون هذا هو موقفهم – فستجد الدول العربيّة أيضًا صعوبة في تبنّيه. ولكن في أوساط الفلسطينيين أيضًا هناك من يفهم أنّه لا يمكن الاستمرار في الوضع القائم، حيث إنّ الاقتصاد الفلسطيني متعثّر والفوضى المدنية مستشرية. تدرك القيادة الفلسطينية أيضًا ماذا يحدث في الدول العربيّة ولا ترغب في انهيار النسيج الاجتماعي الفلسطيني من الداخل.
تحدّث أوري سافير، أحد مهندسي اتفاقيات أوسلو، في مجلة “المونيتور” عن مرونة كبيرة في الجانب الفلسطيني، والتي قد تشكّل نقطة بداية من جهة نتنياهو. فقد نقل سافير أقوال عن مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية يقترح تأجيل محاولات التوصّل إلى اتّفاق دائم لثلاث سنوات، وبدلا منها فتح محادثات حول اتفاق مرحلي. وفقا للتقرير، هذه مبادرة يشارك فيها دبلوماسيون أردنيون، مصريون، وسعوديون، نُوقشت مع ممثّلين إسرائيليين غير رسميين.
تبدو تسوية تاريخية مع الفلسطينيين وتجديد العلاقات مع بعض الدول العربيّة، حلما ورديا بل خياليا، ولكن مَن يعرف الشرق الأوسط، يعرف أن بدء المحادثات النصف رسمية، قد يؤدي إلى تمهيد الأرضية لخطوات أكبر، لاسيما على ضوء حقيقة أن الشرق الأوسط يتغيّر كثيرا وليس مستقرّا.
إضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ نتنياهو، الذي يجتاز الآن ذروة تحقيق شرطي واسع النطاق، يرغب مع ذلك في النجاة السياسية ويهدف إلى تحويل الأضواء عن قضايا الفساد، المزعومة، التي تُفحص الشبهات حوله. صباح اليوم فقط، نُشر أنّ الشرطة تمتلك تسجيلات مجرِّمة تدلّ على تلقّي رشاوى. إنّ تحريك عملية سياسية ما، ستحوّل بالتأكيد الانتباه الشعبي، عن تلك القضايا.