تزداد الشواهد على أعمال الترهيب وإساءة المعاملة التي يمر بها المراهقون عن طريق الشبكات الاجتماعية، وعلى رأسها الفيس بوك. بالنسبة للكثير من المراهقين، تتحوّل الشبكة الاجتماعية إلى ساحة أخرى يواجهون فيها الترهيب والإذلال، والتي تترك ندوبا عاطفية لن تلتئم أبدا.
ليست إساءة معاملة الأطفال لأقرانهم ظاهرة جديدة، ولكن عندما يحدث ذلك في الشبكة، تكون القوة، السرعة، الانتشار، الطاقة والثمن أيضا أكبر بكثير.
الكثير من المتضرّرات هنّ مراهقات يعانين من العنف الجنسي. تستطيع التكنولوجيا المتقدّمة، وخصوصا تطبيقات “واتس آب”، أن تنقل رسائل ضارّة بانتشار كبير. عانت الكثير من الفتيات من نشر الشائعات عنهنّ على خلفية جنسية، وعانت أخريات من صور حميمية لهنّ تم توزيعها على أبناء صفّهن.
نصف المشاركين تقريبا (46%) قالوا إنّهم شهدوا أعمال إذلال وعنف تجاه شخص آخر في الشبكة
تكشف نتائج دراسة أجريت في الجامعة المفتوحة في إسرائيل عن أدلة مقلقة لمدى انتشار هذه الظاهرة. 27% من الطلاب الذين شاركوا في الدراسة قالوا إنهم كانوا ضحايا للعنف في الشبكة. 17% من المشاركين قالوا إنّهم شاركوا في التحرّش على الإنترنت، ونصف المشاركين تقريبا (46%) قالوا إنّهم شهدوا أعمال إذلال وعنف تجاه شخص آخر في الشبكة.
ويوضح أحد المعطيات المفاجئة في الدراسة مدى تجذّر الاستخدام المعقّد للشبكة من سنّ صغيرة: معظم المتضرّرين من العنف في الشبكة من بين مجموعة المشاركين في الدراسة ينتمون تحديدًا إلى طلاب المدارس الابتدائية. لا يعلم المعلّمون شيئا عن الإساءات التي تحدث بعيدا عن أعينهم، والآباء والأمهات في حيرة.
هكذا على سبيل المثال، كانت حادثة مراهق إسرائيلي انتحر في سنّ 15 بعد سلسلة من الترهيبات والإساءات من قبل أصدقائه في الصفّ. كشفت الكتابات بين أصدقاء المراهق في الصفّ عن أعمال إيذاء نفسي مروّع، تشمل دعوة المراهق للانتحار. لم يترك المراهق وراءه رسالة انتحار، وإنما فقط شاشة حاسوب مشتعلة، وعليها مفتوح حساب الفيس بوك الخاص به.
“ليلة كاملة قاموا بشتمي في واتس آب، وليلة كاملة لم أستطع النوم”
قدّمت أم المراهق دعوى مطالبة قضائية ضدّ مدرسته وضدّ فيس بوك العالمية بمبلغ يقدّر بخمسة ملايين شاقل. على حدّ زعمها، فقد كان ينبغي على الشبكة الاجتماعية أن تحرص على سلامة ابنها، وأن تقوم بتصفية الرسائل الضارّة التي نقلها له أطفال آخرون، حتى قام بالانتحار.
شهدت فتاة اسمها دانا مؤخرا لموقع NRG الإسرائيلي قائلة: “ليلة كاملة قاموا بشتمي في واتس آب، وليلة كاملة لم أستطع النوم. افتتحوا مجموعة ضدّي. في العطلة الكبيرة سأل كل واحد في الفيس بوك إلى أين سيذهب الآخر في السنة القادمة، وأجروا استفتاء: من لا يريد أن يكون مع دانا السمينة؟ فجأة، وخلال أربع دقائق ونصف، كان هناك أربعون تعليقا. ولم يكن ثمة تعليق واحد جيّد. شعرت بالاستياء جدّا. لم أعرف ماذا أفعل”.
يشعرون في مستشفيات الأمراض النفسية أيضا بتفاقم ظاهرة مقلقة. يشير العديد من الأطباء النفسيين إلى الشبكات الاجتماعية كسبب يؤدي بأولئك الشبان إلى فقدان بهجة الحياة، وتطوير أفكار انتحارية، وإلى أن يؤذوا أنفسهم بواسطة قطع الأوردة وطرق أخرى. لا يتعرّف الآباء والأمهات، كما يوضح الخبراء، في العديد من المرات على المأزق، ولكن فقط بعد فوات الأوان.
الوضع الحالي غير مشجّع. أجنحة علاج الشباب في مستشفيات الأمراض النفسية ممتلئة أكثر من أي وقت مضى. في كثير من الأحيان تُضطر المستشفيات إلى إرجاء استقبال المرضى وإرسال المراهقين أكثر من مرة إلى منازلهم خلال الأسبوع، ولك بسبب نقص الأسرة في المستشفيات. وليس فقط في المستشفيات يبلغون عن الإحالات المتزايدة.