يأتي القرار في وقت تعاني البلاد وضعا اقتصاديا وامنيا صعبا منذ عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي العضو في جماعة الاخوان المسلمين التي صدرت اليوم السبت احكاما بالسجن المؤبد على 37 من قيادييها بينهم مرشدها العام محمد بديع.
وقررت الحكومة المصرية في وقت متأخر من الجمعة زيادة اسعار الوقود وذلك للحد من نظام دعمها وهو قرار لن يلقى على الارجح تأييدا شعبيا وسيشكل تحديا جديا للرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي.
ومع الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد المصري بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات اعتبرت الحكومات التي تعاقبت منذ ذلك الحين ان الدعم الذي يسمح للمصريين بشراء الوقود باسعار زهيدة يجب ان يرفع.
لكن السلطات تجنبت اتخاذ هذا الاجراء خوفا من رد الفعل الشعبي، غير ان السيسي قال في ايار/مايو الماضي ان ذلك لن يمنعه من خفض نفقات الدولة.
وذكرت وكالة انباء الشرق الاوسط ان سعر البنزين 92 اوكتان ارتفع من 185 قرشا (0,25 دولار) الى 260 قرشا للتر الواحد (0,36 دولار) والبنزين 80 اوكتان ارتفع من 90 (0,12 دولار) الى 160 قرشا (0,22 ). اما سعر السولار او الديزل فقد ارتفع من 110 (0,15 ) قروش إلى 180 قرشا (0,25) ، وارتفع سعر الغاز الطبيعي للسيارات من 40 قرشا (0,05) إلى 110 (0,15) قروش.
وبدا تطبيق الاسعار الجديدة منذ منتصف ليل الجمعة السبت.
وبهذا القرار تكون الحكومة المصرية خفضت من دعمها للوقود بمقدار 44 مليار جنيه لتبقيه عند حد 100 مليار جنيه في العام المالي الجديد الذي بدا في اول تموز/يوليو الجاري.
وقال رئيس الوزراء المصري ابراهيم محلب في مؤتمر صحافي في القاهرة السبت ان تلك القرارات تهدف الى محاربة “الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية”.
واضاف محلب “كيف يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية ونحن ندعم الغني على حساب الفقير؟”.
واشار محلب الى ان الحكومة ستنفق 51 مليار جنيه لتحسين قطاعات الخدمات والاجور، منها 22 مليارا لقطاعي الصحة والتعليم.
واعلن محلب عن زيادة في اسعار استهلاك الكهرباء بدءا من اول تموز/يوليو الجاري ذلك بعد ايام من فرض ضرائب جديدة على ارباح المصريين من البورصة ذلك في محاولة من الدولة لرأب العجز في الموازنة الجديدة الذي يبلغ قرابة 240 مليار جنيه (قرابة 33.4 ميلار دولار اميركا).
وتخصص الدولة المصرية اكثر من ثلاثين في المئة من ميزانيتها لدعم اسعار الوقود والمواد الغذائية في بلد يعيش حوالى اربعين في المئة من سكانه — اي نحو 34 مليون شخص من اجمالي 86 مليون نسمة — عند خط الفقر.
واكد محلب ان تلك الزيادة لن تؤثر على اسعار السلع الغذائية، وفق ما نقلت الاهرام. ودعا المصريين الى “ضرورة التكاتف وتفهم تحديات المرحلة، والوقوف بجانب الحكومة في عمليات الإصلاح التي تقوم بها في جميع المجالات”.
واشار محلب الى ان كلفة دعم الوقود تبلغ 22 مليار دولار بينما تبلغ ميزانية التعليم والصحة 9,8 مليارات سنويا.
واثار القرار غضبا وسخطا لدى كثير من اصحاب السيارات خاصة سيارات الاجرة.
وبينما كان ينتظر بسيارته في طابور للتزود بالوقود في محطة وقود في حي الدقي غرب القاهرة، قال مصطفي ابراهيم سائق تاكسي يعمل بالغاز الطبيعي باحباط واضح “كنت املأ سيارتي بالغاز الطبيعي مرتين في اليوم ب 12 جنيها (1,67 دولار) الان دفعت 11 جنيها (1.53 دولار) لمرة واحدة”.
وتابع “كنت اريد من السيسي رفع الدعم عن رجال الاعمال واصحاب المصانع اولا قبل رفعها عن الفقراء”.
فيما قال السائق احمد سعد (58 عاما) “نحن في وضع اقتصادي سيء قبل القرار. زيادة الاسعار ستجعل حياتي اسوء”.
ويخشى اخرون من ان تؤدي زيادة اسعار الوقود الى ارتفاع اسعار السلع الاساسية الاخرى.
وبالفعل ادت زيادة اسعار الوقود الى ارتفاع اجرة المواصلات في القاهرة وعدد من المحافظات.
ويقول احمد محمد (26 عاما) وهو صاحب شركة دعاية واعلان فيما كان ينتظر سيارة اجرة “المشكلة الاساسية ليست في رفع اسعار الوقود المشكلة في استغلال التجار للقرار لرفع اسعار كل السلع بجشع لتحقيق ربح. للاسف الحياة كلها ستصبح اغلى”.
وقالت الموظفة قسمة علاء التي تعمل في مجال الملابس انها اضطرت “لدفع 4 جنيهات اضافية اليوم خلال تنقلاتي” وتابعت “لا استطيع ان اتحمل ذلك بشكل يومي”.
وفي محافظة الاسماعيلية، على قناة السويس شرق البلاد، اطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق سائقي سيارات اجرة شرعوا في الاعتصام امام مباني حكومية في المدينة احتجاجا على رفع اسعار الوقود.
وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية ان عشرات من سائقي التاكسي قاموا بقطع طريق سريع في شبرا الخيمة شمالي القاهرة احتجاجا على رفع اسعار الوقود.
من جانبها، بدات الحكومة المصرية في اصدر تعريفات جديدة للزيادة في اسعار المواصلات.
ففي القاهرة، قرر محافظ القاهرة زيادة تعريفة التاكسي لتصبح بدايتها 3 جنيهات بدلا من 2.50 قرشا على ان تزيد تعريفة كل كيلو الى 1.40 جنيها بدلا من 1.25 جنيها.
كما اصدر عدد من المحافظين المصريين تعريفات جديدة للزيادة في اسعار المواصلات خارج القاهرة، حسب ما افادت الوكالة الرسمية للبلاد.
ويدعو الرئيس المصري الذي كان قائدا للجيش وتولى السلطة بعد فوزه في الانتخابات التي جرت بعد ازاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي قبل عام، الى التقشف والتضحية من اجل انعاش الاقتصاد.
وتشهد مصر ازمة اقتصادية قاسية، اذا انخفض احتياطي النقد الاجنبي الى النصف منذ العام 2011، كما تراجعت عائدات السياحة، القطاع الرئيسي في مصر، من 12,5 مليار دولار في 2010 الى 5,8 مليارات هذا العام، والاستثمارات الاجنبية من 12 مليار سنويا الى مليارين فقط.
وكان السيسي اكد في ايار/مايو ان الاولوية لديه هي استعادة الاستقرار وانعاش الاقتصاد قبل تشجيع الاصلاحات الديموقراطية.
لكن قرار خفض الدعم بهذا الشكل الحاد ظل خطوة صعبة تردد حكام كثيرون للبلاد في اتخاذها ومنهم الاسلامي محمد مرسي الذي عزله الجيش بعد احتجاجات شعبية عارمة تطالب برحيله لاتهامة بسوء ادارة البلاد ومحاولة تكريس سلطة جماعة الاخوان التي ينتمي اليها.
وفي كانون الاول/ديسمبر 2012، تراجع الرئيس آنذاك مرسي عن فرض ضرائب جديدة على بعض السلع والخدمات بعد ان ادت لغضب شعبي واسع.
وفاز السيسي في انتخابات الرئاسة في ايار/مايو بحصوله على حوالى 97 في المئة من الاصوات، بفضل الشعبية الجارفة التي اكتسبها كرجل البلاد القوي القادر على استعادة الاستقرار في بلد يعاني من اضطرابات منذ الثورة التي اطاحت الرئيس الاسبق حسني مبارك في العام 2011.
واطلق عزل مرسي شرارة اكثر الفترات دموية وعنفا في التاريخ المصري الحديث حيث خلفت حملة القمع اكثر من 1400 قتيل من انصاره فيما اعتقل اكثر من 15 الفا اخرين من بينهم كبار قادة جماعة الاخوان التي صدرت احكام بالاعدام على اكثر من 200 من اعضائها لكنها لا تزال احكام غير نهائية.
واصدرت محكمة مصرية اليوم السبت قرارا بالسجن المؤبد بحق 37 اسلاميا من بينهم مرشد الجماعة محمد بديع في قضية احداث عنف في شهر يوليو 2013 بعد عزل مرسي عرفت بقطع طريق قليوب.
وثبتت المحكمة ذاتها احكاما بالاعدام على عشرة اشخاص آخرين غالبيتهم فارين. ويحاكم بديع في دعاوى عدة مثل غالبية قياديي جماعة الاخوان، وقد حكم عليه بالاعدام في قضيتين أخريين.
ومن بين المحكوم عليهم الـ37 بالسجن المؤبد القيادي الاخواني محمد البلتاجي والداعية الاسلامي صفوت حجازي فضلا عن وزيرين سابقين في حكومة مرسي ونائبين سابقين في مجلس الشعب من اعضاء الجماعة.