أصبحت مدينة رفح خلال عملية “الجرف الصامد” مركزًا للمعارك القاسية بين قوات الجيش الإسرائيلي وحماس بسبب اكتشاف الكثير من الأنفاق في التربة الرملية التي تتميّز بها المدينة. وعرفت رفح بأهميتها الاقتصادية الكبيرة خلال السنين، فقد تحوًلت إلى مدينة الأنفاق والتهريبات الأكثر ازدهارًا مع الجانب المصري. والرجل الذي يكسب من كل هذه الصناعة هو قائد اللواء الجنوبي رائد العطار.
يعتبر العطار الذي يمسك بأحد الأدوار الأكثر مسؤولية في الجناح العسكري لحركة حماس حاكمًا غير رسمي لرفح. قائد اللواء الجنوبي، الذي هو في سنوات الأربعينات من عمره، هو عضو كبير في الرابطة العسكرية العليا لكتائب عز الدين القسّام وأحد المطلوبين البارزين لإسرائيل.
أصبح خلال السنوات بواسطة رجاله زعيمًا لا يمكن تقويضه لأنفاق رفح، وهكذا في الواقع لكلّ رفح. هو الرجل الذي كان مسؤولا فعليًّا على إدخال جميع المعدّات والمواد المطلوبة لحماس من أجل بناء قوتها العسكرية في السنوات الماضية.
وقام العطار بقتل الكثير من الفلسطينيين، ومن بينهم أطفال، ليشقّ طريقه نحو القمّة. منذ عام 1995، دخل إلى سجون السلطة الفلسطينية على الإتجار غير المشروع بالأسلحة. تورّط العطار بعد ذلك بقتل ضابط شرطة فلسطيني وهو رفعت جودة، وحين فرّ من ساحة الجريمة دهس حتى الموت طفلة تبلغ من العمر ثمانية أعوام وهي فدوى جراونة.
حكمت السلطة الفلسطينية على العطار بالموت بسبب جرائمه، ولكن في أعقاب أعمال الشغب التي قام بها أبناء عائلته في جميع أنحاء رفح وافق رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات على منحه العفو. بعد ذلك صعد العطار إلى قمّة كتائب عزّ الدين القسّام، حيث أنّه يقود من بين أمور أخرى إطلاق الصواريخ على إسرائيل من أراضي سيناء، قتل الجنود المصريين واختطاف جلعاد شاليط.
يعتبر العطار هدفًا استخباراتيًّا ليس لإسرائيل فقط. تطالب مصر منذ وقت طويل بالتحقيق معه للاشتباه به أنه هو من سمح لإرهابيي الجهاد العالمي الذين تدرّبوا في القطاع بالخروج عن طريق الأنفاق والإضرار بالقوات المصرية في شبه جزيرة سيناء. رفضت قيادة حماس جميع طلبات الاستخبارات المصرية للتحقيق مع العطار.
ووفقًا لمصادر في القطاع، فقد أدار العطار أنفاق التهريب كعمل عائلي بكل معنى الكلمة. لقد عيّن أخاه مسؤولا عن هذا المجال، حيث يرافقه مسلّحون من حماس في كلّ طارئ. وفقًا للتقارير، فقد سيطر العطار وأخوه بشكل حصري على مجال تهريب السيارات المسروقة من مصر، حيث عملت هناك عصابة خاصة لصالحه. وقد استخدما الأموال لإثراء أنفسهم.
لم يحبّ كل من في حماس صعود مكانة العطار في غير المجال العسكري. في عام 2011 ذُكر أنّ فتحي حماد، الذي كان وزير الداخلية في حكومة حماس، اشتكى من تصرف العطار وأخيه في رفح لإسماعيل هنية، ولكن الأخير اختار عدم مواجهته. يتضح أن العطار يتخذ قرارات مستقلّة ولا يعطي أهمية كبيرة للجناح السياسي لحماس.
في مقابلة نادرة لأحد مواقع الإنترنت التابعة لحركة حماس بعد عملية “الرصاص المصبوب”، حين سُئل العطار عن التأييد الذي تلقّته الحركة حينذاك من سكان غزة، زعم أنّ رجال حماس قد شعروا بالتعاطف مع السكان، بل وإنّ بعضهم وفّر مأوى للمقاتلين.
أمر ذو أهمية قد أشار إليه العطار في المقابلة وهو أنّه هو ومسؤولين آخرين في الجناح العسكري لحركة حماس كانوا يعلمون كلّ تطوّر في ميدان المعركة. مرّت منذ ذلك الحين خمس سنوات بطبيعة الحال، وأصبحت حماس أكثر تطوّرًا ورفعت مستواها في كلّ ما يتعلّق بقدراتها الإعلامية وغيرها بحيث أنّه من المرجّح أنّه حتى اليوم، على الرغم من البقاء في الأقبية والأنفاق، يعلم مسؤولو حماس كلّ التفاصيل في أرض القطاع.