تُحيى في إسرائيل هذا الأسبوع الذكرى السنوية الثامنة عشرة لاغتيال رئيس الحكومة إسحاق رابين عام 1995. لهذا السبب، تحدث رئيس الشاباك إبّان الاغتيال، كرمي غيلون، في خطابه اليوم (الأربعاء) في المعهد التكنولوجي في حولون عن العلاقة بين عملية الاغتيال التي نفذها يغآل عمير قبل نحو عقدَين وبين أحداث “تدفيع الثمن” التي تجري في السنوات الأخيرة في إسرائيل.
”ثمة صلة مباشرة بين الحركة السرية اليهودية، يغآل عمير، وحملات “تدفيع الثمن”. إنّ عدم معالجة ظاهرة الربابنة هو إحدى المشاكل الكبرى. فخلفَ يغآل عمير، وبكلّ وضح، هناك حاخامات”، قال غيلون. وهاجم رئيس الشاباك الأسبق عجز الحكومة عن التعامل مع منتهكي القانون القادمين من اليمين المتطرّف، محذّرًا من أنّ “أسس وجذور قاتل رئيس الحكومة الذي سيُقدِم على تسوية في الأراضي المحتلة مغروسة في حملات تدفيع الثمن”.
وقال غيلون أيضًا: “نحن نعلم من هم أولئك الحاخامات، الذين يحرّضون الشبان على الجرائم، لكن “تلزم الشجاعة” لمحاكمتهم. لماذا لا نفعل ذلك؟ لأنّ هذا سياسي وحسّاس”. وقال غيلون إنه يتوقع من محامي الدولة، الذي يحارب الفساد، ألا يتهرب من هذا الموضوع “الذي يشكّل خطرًا أكثر على جودة حياتنا في الدولة”، وكذلك يتوقع من رئيس الحكومة أن يدعو جميع القوى الأمنية ويطلب منها فعل أقصى ما يمكن لإيقاف الظاهرة، “وإلّا فسيؤدي ذلك إلى دمار الهيكل”.
وتطرّق غيلون بشكل خاصّ إلى نشاطات “تدفيع الثمن” التي بُخّت فيها عبارات على دير في اللطرون، وادّعى أنّ أفعالًا كهذه يشاهدها العالم بأسره وتشجّع على اللاسامية. وقال أيضًا إنه يعتقد إنّ هوية الجناة غير معلومة، وإنهم أطفال وشبّان يحرّكهم والدوهم وحاخاماتهم.
ونقل موقع ynet أنّه بالتوازي مع خطاب غيلون، قُدّمت لوائح اتهام للمحكمة المركزية في القدس ضدّ 11 شابًّا، تُنسب إليهم أعمال “تدفيع ثمن” كثيرة في حيّ الشيخ جرّاح في القدس في شهرَي آب وأيلول. ووفقًا للائحة الاتهام، فقد عملوا “عمدًا لإلحاق الأذى بممتلكات العرب ونفوسهم”، وهم مُتّهمون بإلحاق الأذى عمدًا بالممتلكات، وتهديد حياة إنسان في أحد الشوارع.
وأعلن وزير الأمن، موشيه يعلون، بداية تموز، أنّ ظاهرة تدفيع الثمن “منظمة محظورة”. “إنّها ظاهرة بالغة الخطورة، تتضمن أعمال عنف دون إنذار ضدّ العرب، عبر المسّ بممتلكاتهم وتعريض حياة الإنسان للخطر، وذلك لثني الحكومة الإسرائيلية عن العمل بطريقة ما”، قال يعلون بعد الإعلان، الذي جاء بعد أسبوعَين من قرار المجلس الوزاري السياسي – الأمني المصغَّر بالإعلان عن ناشطي “تدفيع الثمن” كـ “جمعية غير مسموح بها” – تعريف يختلف عن ذاك المتعلق بأحداث إرهابية.
في هذه الأثناء، ألقى اليوم يوفال رابين، نجل رئيس الحكومة الراحل، خطابًا هجوميًّا ضدّ ما سمّاها محاولة مستمرة ومتماسكة لرسم علاقة وثيقة في الذاكرة الإسرائيلية بين اتّفاق أوسلو والإرهاب الفلسطيني. وكان رابين صرّح بذلك في المراسم الرسمية “نير يتسحاق”، التي أقيمت في بيت رئيس الدولة. وذكّر رابين ببعض الأقوال التي تحوّلت إلى متعارَف عليها، مثل “مجرمي أوسلو”، أو العبارة “20 سنة إرهاب”، وقال إنّ هذه أقوال منافية للعقل، إذ إنّ “اليهود يواجهون إرهابًا فلسطينيَّا منذ بداية القرن الماضي”.
وادّعى يوفال رابين أنّ المجزرة التي نفّذها باروخ غولدشتاين في مغارة المكفيلة في شباط 1994 كانت أوّل عملية انتحارية بعد اتّفاق أوسلو: “هذا، أعزائي، واقع مؤلم وفظيع، ولا يمكن تجاهله. هذا خُبث متعمّد، واستخدام تهكمي للقول إنّ كلّ شيء يجري هو بسبب أوسلو. هل يؤمن أحد حقًّا بسذاجة أنه إن لم يكن أوسلو ما كان الإرهاب؟ هل يؤمن أحد أنه يمكن الحفاظ على الجمود؟ عملية تصعيد الإرهاب هي عملية مستمرة، ودون شكّ سببتها عوامل مختلفة، لكن ثمة أمر واحد واضح – منفذوه هم معارضو التسوية”.
وقال رابين الابن في النهاية :”خلال السنوات الثماني عشرة التي مرّت على الاغتيال، أتت الحكومات وذهبت، وجميعها اكتشف أنّ المسؤولية تُلزم اتخاذ قرارات صعبة، تشمل التنازل عن أراضٍ، التحدّث إلى الأعداء، إطلاق سراح قتَلة، وحتى تزويدهم بندقيات. إسحاق رابين لم يتهرّب من المسؤولية. أنتم، الذين طلبتم ونلتم المسؤولية، تطلّعوا أنتم أيضًا إلى الأمام، اتّخذوا قرارات، واعملوا على تنفيذها”.