تفور إسرائيل وتثور- تلقّى رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، ضربة ممن كانت أمينة سرّه طول حياته. وقّعت شولا زكان، التي كانت رئيسة مكتب أولمرت في الأربعين سنة الأخيرة، على اتفاق “شاهدة دولة” مع الادعاء العام، وستشهد ضدّ أولمرت. في إطار الاتفاق ستعترف زكان بمخالفات رشوة قامت بها وستُمضي 11 شهرا سَجنا فعليا.
اضطُرّ أولمرت للاستقالة من منصب رئيسِ الدولة قبل خمس سنوات بعد ست تحقيقات مختلفة أجرتها شرطة إسرائيل معه، حيث تحوم في مركزها شبهات كبيرة حول قيامه بأعمال فساد خطيرة. تطّورت التحقيقات إلى لائحات اتهام ودعاوى جنائية ضدّ أولمرت في محاكم متنوعة. تمت تبرئة أولمرت في أغلب المحاكمات بسبب غياب الأدلة، عدا عن ملف واحد سُميَّ “مركز الاستثمارات”، أدين أولمرت فيه في حزيران 2012 بنقض الأمانة وحكم عليه بالسَّجن سنةً مشروطة، وغرامةً بمبلغِ 75000 ألف شاقل.
سُميَّ الملف الأكبر الذي أدير ضد أولمرت “ملف هوليلاند”، حامت في إطاره الشبهات حول عشرات الأشخاص في مخالفات فساد خطيرة يبدو أنهم ارتكبوها خلال سنوات التسعين، كجزء من مشروعٍ إسكاني ضخم يطلّ على كل القدس ويشكل ضررًا بيئيًا شديدًا لإطلالة القدس. إن أولمرت هو أحد المتهمين الأساسيين في القضية، التي وَقَعت أثناء توليه منصب رئيس بلدية القدس.
تعسّر الادعاء العام حيازة أدلة قاطعة تربط أولمرت بدعاوى الرشوة، لكن الآن، مع توقيع صفقة “شاهدة الدولة”، مع زكان، بدأ يحدو الأمل الادعاء أن زكان، التي كانت أمينة سر أولمرت، ستعرض شهادات وأدلة قاطعة تؤكّد تورط أولمرت العميق على ما يبدو في أعمال الفساد المنسوبة إليه.
بعد توقيع الصفقة، قدم الادعاء العام طلبا عاجلا للمحكمة لتأجيل إصدار الحكم في القضية، الذي يُفترض أن يصدر يوم الاثنين القريب، وأن يُمكَّن زكان من الشهادة ثانية في المحكمة. ستقرر المحكمة إن كان سيتم التأجيل يومَ الأحد القريب، وإن قُبل الطلبُ فستكون هذه سابقة تاريخية إذ أن طلبًا مثل هذا لم يُقبل ذات مرةً في إسرائيل لأن كل مراحل المحاكمة قد انتهت: أدلى كل الشهود بشهاداتهم، عُرضت كل الأدلة، وقد أعلن الجانبان أنهما لن يطلبا شهودا آخرين.
من غير علاقة بقرار المحكمة، يبدو أن أولمرت سيُدعى إخطاريا إلى الشرطة للتحقيق بشبهات حول تشويش مجريات المحاكمة، مضايقة شاهد، وصرف شاهد في التحقيق. لم يتبيّن بعد إن كان هذا التحقيق سيثمر لائحة اتهام جديدة أم لا.
قررت زكان “طعن السكين” في ظهر أولمرت بسبب خوفها الكبير من أن حكم المحكمة سيجعلها تقضي في السجن أربع سنوات، وكذلك بسبب التزام النيابة بإلغاء استئنافها لمحكمة العدل العليا في قضيتين إضافيتين، منهما بُرّئ أولمرت، وهكذا ضمنت زكان أن تقضي في السجن 11 شهرا “فقط”. زكان التي ستعترف بارتكاب مخالفات الفساد، ستعيد خاتمًا ذهبيًّا وصورة ثمينة حصلت عليهما كرشوة وستدفع مبلغ 100,000 شاقل.
كان ردّ وادعاء مستشاري أولمرت الإعلاميين أن الصفقة التي وُقّعت بين الادعاء وبين زكان تشكل “عارٌ، لا يعدُو أن يكون إلا تشويشًا لمجريات المحاكمة وينبع من خوف الادعاء الكبير من الحكم الذي سيصدر”.