اعتلى أعضاء كتل المعارضة أمس منبر الخطباء في الهيئة العامة للكنيست، واحدًا تلو الآخر. ولكن بدل أن يُلقوا خطابات ضدّ قانون الحُكم، وقفوا صامتين دقيقة كاملة، للإشارة إلى الخطورة الكبيرة التي يرونها في إقرار القانون. ورغم الاحتجاج، أُقرّ القانون بالقراءة الأولى بأكثرية 64 مقابل 49 من ممثّلي المعارضة، الذين انضمّ إليهم النائب رؤوبين ريفلين من الليكود. ويُتوقع إقرار القانون بشكل نهائي مع ابتداء الدورة الشتوية للكنيست بعد بضعة أشهر.
ويُعنى القانون المثير للجدل بتغيير طريقة الحُكم في إسرائيل بطريقة تصعّب على المعارضة إسقاط الحكومة. والبند الرئيسي في القانون الذي احتجّ عليه أعضاء المعارضة هو رفع نسبة الحسم إلى 4%، ما يصعِّب جدًّا على كتل المعارضة الصغيرة، ولا سيّما الكتل العربية، دخول الكنيست ككتل مستقلة، ويُضطرها إلى الاتحاد. وهدّد رئيس كتلة إسرائيل بيتنا وأحد المبادرين إلى القانون، أفيغدور ليبرمان أنه إن لم يجرِ إقرار القانون بالقراءة الأولى حتى انتهاء الدورة الصيفية، فقد يقوم بتفكيك الائتلاف. وادّعى رئيس الحكومة أمام عدد من أعضاء المعارضة أنه يعارض رفع نسبة الحسم، لكنّ الأمر فُرض عليه.
وجاءَ الاحتجاج صمتًا ضدّ محاولة القانون إسكات المعارضة والقطاعات المستضعَفة في المجتمع. وكان أول الذين اعتلوا المنبر وصمتوا أعضاء الكنيست من الأحزاب العربية. وسدّ رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، النائب جمال زحالقة، فمه بشريط لاصق. وانفجرت رئيسة ميرتس، النائبة زهافا غلؤون، بالبكاء حين صمتت على منبر الخطباء. بعد ذلك، أوضحت غلؤون أنّ حزبها يتضامن مع الأحزاب العربية، التي يمكن أن تجد نفسها، كسائر أحزاب المعارضة، خارج قبة الكنيست. “أعترف بأنّ هذا الصمت هو الأطول والأصعب الذي مرّ علينا”.
وبعد نزولها، صعد أعضاء حزبها وصمتوا. وقال النائب نيتسان هوروفيتس: “وقفتُ دقيقة صمت حدادًا على الديموقراطية التي يحاولون الإجهاز عليها عبر هذا القانون. هذا القانون مكانُه سلة المهملات. إنّ وجود خطاب منوّع في هذا المجلس لا يؤذي أحدًا”. وصمت النائب أحمد الطيبي، الذي صعد إلى المنصة بعد ذلك، فيما ظهره موجّه للمُجتمعين. وأشارت رئيسة الجلسة، النائب بنينا تامانو شاتا، إلى أنّ إدارة الظهر هي عدم احترام لأعضاء الهيئة العامة، لكنّ النائب حيليك بار من حزب العمل أجابها: “إنّ قانونكم لا يحترم الأعضاء أيضًا”.
ولم تتضامن الأحزاب اليسارية فقط مع الأحزاب العربية. فأعضاء يهدوت هتوراه الحاريدية صمتوا تضامنًا أيضًا، الواحد تلو الآخر، حتى إن عضو الكنيست الحاريدي يسرائيل أيخلر قال بالعربية: “نحن معكم في نضالكم من أجل الديموقراطية”. وبشكل مفاجئ، انضمّ أيضًا وزير التربية، شاي بيرون، إلى الصامتين “احترامًا وتضامنًا مع الألم”، وصمت لفترة قصيرة قبل خطابه المخطَّط له مسبقًا، وذلك رغم تصويته لصالح القانون، الذي اقترحه حزبه “هناك مستقبل” إلى جانب حزب “إسرائيل بيتنا”. وامتنعت النائبة عدي كول من حزب “هناك مستقبل” عن التصويت على القانون للمرة الأولى، رغم قرار كتلتها بالتصويت لصالحه. ولذلك، جرى توبيخها، واضطرت إلى الاعتذار علنًا، كما جرى تجميد نشاطاتها البرلمانية حتى إشعارٍ آخر. وفي النهاية، صوتت لصالح القانون في التصويت الثاني. وأثار الإجراء انتقادًا جماهيريًّا حول حق أعضاء الكنيست في الاختيار، وهم الذين يُتوقع منهم التصرف وفقًا لقرار كتلتهم، لا وفقًا لضمائرهم.