كُتب الكثيرُ عن الحرب الأهلية الضارية والمؤسفة التي تدور رحاها في سوريا منذ ما يزيد عن ثلاثة أعوام. فقد أودى النزاع المستمرّ بحياة ما يزيد عن 150 ألف إنسان، فيما غادر أكثر من ثلاثة ملايين منازلهم وأضحَوا لاجئين، ناهيك عن الدمار الكثير الذي خلّفته الحرب في مُدن سوريّة المُختلفة.
في ظلّ الدمار الكبير الناتج عن الحرب، يبدو أنّ مواضيع حقوق الإنسان لا يُبالي بها أحد. لكنّ شهادات جمعتها منظّمة حقوق الإنسان “هيومان رايتس واتش” تكشف واقعًا مقلقًا يعيشه الشاذّون جنسيًّا في سوريا.
جمعت المنظّمة شهادات 19 رجُلًا شاذَا سوريًّا، يحاولون إيجاد ملجأ لهم في لبنان، تبيّنت من خلالِها المعاناة الشديدة التي مرّ بها بعضُهم. فعدا المُطارَدات الوحشيّة مِن عددٍ من المجموعات الناشطة في سوريا بسبب الفوضى السائدة في قسمٍ من البِلاد، يُعاني المثليّون جنسيًّا من نظرة عائلاتهم القاسية، إذ ترفض هذه قبول “ميولهم الجنسيّة”.
في حالاتٍ عديدة، لا تكتفي الأُسرة برفض العضو فيها الذي أعلن شذوذه الجِنسيّ، إذ تشعر أنّ ميوله الجنسيّة تُلحق بالعائلة الخزيَ والعار. من أجل محو هذا العار، سُمعت شهادات عن عائلات أبلغت مجموعات إسلاميّة متطرّفة عن تفاصيل الفرد في العائلة، من أجل إيجاد الابن “العاصي” ومعالجته بطرقها الخاصّة.
وطُرق هذه المجموعات المتطرّفة تقشعِرّ لقساوتها الأبدان. فقد جمعت المنظّمة شهاداتٍ عَن إساءة معاملة وتعذيب قاسٍ يُعاني منه الشاذّون جنسيًّا الذين تقبض عليهم تلك المجموعات، مثل جبهة تحرير سوريا الإسلاميّة. فضلًا عن إساءة المعاملة، جُمعت شهادات عَن إعداماتٍ مُخيفة لمضاجعي نظير. كان يُتوقَّع أن يدعم النظام هذه الشريحة السُّكانيّة، لكنّ قسمًا من الشهادات يتحدّث عن إساءة معاملة مِن جانب رجال جيش الأسد.
إثر الوضع الحرِج في سوريا، لا عجبَ أنّ ثمة مثليين يطلبون ملجأً في لبنان المجاور، رغم أنّ وضعهم هناك أيضًا ليس مثل الدول الغربية. وكان لبنان اتّخذ عددًا من الإجراءات لتعزيز حقوق الإنسان على أراضيه، بما في ذلك حقوق مُضاجِعي النظير، لكنّ قسم حقوق الإنسان الذي أٌقيم عام 2008 يُعاني من غياب الصلاحيات وانعدام التأثير.
وأنهت منظمة “هيومان رايتس واتش” مسحَ الشهادات بالتوصية أنّ على المجتمع الدولي مسؤولية تزويد درجة ما من الحماية والمساعدة لشريحة المثليين جنسيًّا في سوريا، إذ تعاني حاليًّا من غياب الحماية ومِن خطر فوريّ على الحياة.