من يتابع مواقع التواصل الاجتماعي في إسرائيل يلاحظ أن حجم الأخبار المتناقلة عن الكارثة في حلب هائل. وفي حين استطاعت قوات النظام السوري، بمساعدة القوات الروسية، إعادة قبضتها على معظم المناطق في حلب، برز الانقسام الحاد بين مؤيدي الرئيس بشار الأسد من عرب 48 ومعارضيه، فقسم يبكي على حلب وسكانها وأطفالها، وقسم آخر يعبر عن فرحته لانتصار النظام.
ليس أمرا جديدا أن الحرب الأهلية في سوريا، أو الثورة التي انطلقت في بداية عام 2011، شكلت، منذ البداية، نقطة خلاف قوية بين عرب 48، خلافا لثورات “الربيع العربي” التي اشتعلت في دول عديدة، وحظيت على إجماع أكبر وسط المجتمع العربي في إسرائيل.
إلا أن التطورات الأخيرة في حلب، وسقوط المدينة التي كانت تحت سيطرة المعارضة، في يد النظام، أشعلت لهيب الخلاف ونقلت “القتال” بين النظام ومعارضيه إلى منصات التواصل الاجتماعي في إسرائيل.
وقد أقام معارضو النظام، أمس الخميس، في مدينة حيفا، مظاهرة داعمة للشعب السوري ونضاله، شاركت فيها شخصيات عربية معروفة، منهم البروفسور أسعد غانم، والذي قال في حديث لمراسل صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، جاكي حوجي، “إنه لأمر عجيب أن هناك أشخاصا ادعوا بأنهم ديموقراطيون في السابق، ينكشفون على حقيقتهم اليوم. فئات عديدة تقف إلى جانب النظام وتعتبر معارضيه إسلاميين متطرفين. للأسف، لا أرى وصفا آخر غير أنهم “فاشيون”، يتجاهلون المجزرة بحق الشعب السوري باسم الوطنية. حتى النازيون لم يفعلوا في ستالينغراد بعد احتلالها ما فعله النظام في حلب”.
وفي التيار الآخر، الداعم لبشار الأسد، يبرز متحدثو حزب “الجبهة الديموقراطية” في إسرائيل، وعلى رأسهم، رجا زعاترة، والذي قال لنفس الصحيفة، “الرواية التي نقلت للشعب الإسرائيلي عن الأحداث في سوريا غير صحيحة. فقد قيل في البداية إن الحرب في سوريا هي عبارة عن “نظام يبيد شعبا” لكن هذا تبين غير صحيح. فقد دخل سوريا العشرات من مقاتلي المنظمات الإرهابية مثل القاعدة وخربوا البلد”.
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10154304171620852&set=a.48711345851.62963.670715851&type=3&theater
وأضاف “تحرير حلب هو تطور إيجابي، لأنه سيقضي نهائيا على فكرة تقسيم سوريا، ومن شأنه أن ينهي الحرب هناك. لا أعارض فكرة تغيير النظام عن طريق انتخابات حرة ونزيهة، لكن ليس عن طريق مرتزقة وجهاديين من خارج سوريا”.
وقد وصل الانقسام ببين الحزبيين في الفضاء الافتراضي إلى تبادل اتهامات غير عادية، حيث هاجم مؤيدو بشار الأسد من المجتمع العربي في إسرائيل داعمي المعارضة السورية، بأنهم عملاء إسرائيل والسعودية وقطر، في حين سمّى معارضو النظام السوري داعميه بأنهم “فاشيون”.
وإلى جانب الجدال المحتدم في مواقع التواصل، ما زالت الأحزاب والمنظمات السياسية والاجتماعية العربية في إسرائيل تلتزم الصمت إزاء الحرب في حلب، وعلى رأسهم، القائمة العربية المشتركة، التي لا تبدي موقفا واضحا إزاء الأوضاع، لأنها تدرك أن إعلان موقف، أيا كان، لن يرضي فئات واسعة في المجتمع العربي .