بصفتي مواطنًا أسكن في يافا، كنت أنتظر منذ أعوام كثيرة حدوث التغيير الجوهري الذي يحدث الآن في يافا. فأصبح الأن الشُبان اليهود والعرب يهربون من ضجيج مدينة تل أبيب ويصلون إلى يافا، ليتمتعوا بالقليل من الجمال العتيق، وليحظوا بالقليل من المواساة والدفء البيتي وأيضًا ليستمتعوا بالحانات التي ظهرت في الأحياء كما تنبتُ حبات الفطر بعد عاصفة أمطار قوية.
تشكل الحانة “أنا لؤلؤ”، حديثة العهد (5 سنوات)، في هذه الأيام التي تعتريها الفوضى الأمنية والخوف من الهجمة القادمة في شوارع تل أبيب – يافا، ملاذا مُريحا.
وقال مالكا حانة “أنا لؤلؤ”، الزوجان إيلانا بورنشتاين ونيف غال، إنه في الحانة التي صمماها، ليس أن المرء لا يشعر فيها بالتوتر فحسب، بل تتعزز مشاعر التقارب والمصير المُشترك. الزبائن الأساسيون الذين يرتادون الحانة في الحي هم من سكان يافا، أو من اليهود والعرب، الذين انتقلوا إلى يافا في السنوات الأخيرة ويعيشون في المدينة المُختلطة.
والنجاح ليس مُفاجئًا، بالنظر إلى حقيقة أن الحانة ذاتها أُقيمت أساسًا تحت اسم امرأة عربية. وقد أراد مالكا الحانة أن يُعطيا الحانة شخصية مُغنية رئيسية عربية تفعل ما يحلو لها، ومتى تشاء. وقال مالكا الحانة أيضًا إن السبب لإنشاء الحانة في يافا تحديدًا هو كون هذه المدينة والموسيقى العربية تتمتعان بشيء مُميّز لم تسمعه الأذن الإسرائيلية بعد. هذا الشيء الغامض، هو الذي جعل من أمسيات أيام الجُمعة، إضافة إلى الموسيقى العربية، أن تكون الأكثر تميّزًا. يُمكن اليوم سماع شذرات من الموسيقى العربية في الحانات والملاهي الكبيرة، حتى في تل أبيب.
وعلى ضوء الأوضاع الأمنية، الأجواء المتوترة، الإرهاق، والخوف القائم بسبب احتمال وقوع عمليات واحتمال حدوث تصعيد أمني، سُجل مؤخرًا تراجعٌ كبير بنسبة المبيعات في كافة المصالح في البلاد، وتحديدًا في المُدن العربية والمُدن المُختلطة (يافا، اللد، حيفا، عكا…).
وتبنت حانة “أنا لؤلؤ” أجندة التعايش المُشترك بين العرب واليهود، في المدينة ذات التعايش المُشترك، حتى في الحياة العادية، فهو أمرا عاديا. تظهر أيديولوجيا الحانة من خلال مُرتاديها ليقضوا وقتا مُمتعا، بالحفلات التي يتم فيها إسماع موسيقى عربية من حقب مُختلفة، وبالأجواء العامة في المكان الذي يشتمل على سبيل المثال، لافتات باللغة العربية والعبرية معًا.
وثمة أمر آخر هام موجود في هذه الحانة المُتميزة، وهو أن الحانة ذاتها تحتضن كل الهويات وكل الأجناس وكل ذوي الميول الجنسانية التي قد تخطر ببالكم مثل، أزواج مثليين، سُحاقيات، أزواج مُتبايني الجنس، وأزواج مُختلطين (عرب ويهود). تسود المكان أجواء خاصة تجذب عددًا كبيرًا من المثليين العرب. مثل هذه المحال موجودة في حيفا منذ سنوات عديدة ولكن في يافا فقط في الآونة الأخيرة قد أصبح مُمكنًا وجود مكان كهذا. تُقدّم المُغنيات الموسيقى العربية الجيدة ويعشق المثليين العرب المطربات المشهورات مثل هيفاء وهبي ومايا ذياب. يجذب المثليون العرب المثليين اليهود والذين يجذبون بدورهم أصدقاء وصديقات غيريين. يخلق هذا الخليط إمكانية حوار مُشوّق على وقع كؤوس الجعة وأغاني أم كلثوم التي تُسمع في الخلفية.
https://www.facebook.com/avi.azizy/videos/10153398576143467/