كشفت المواجهات الأخيرة بين عناصر تنظيم حزب الله وبين مسلّحين قدِموا من منطقة القلمون في سوريا باتجاه الحدود اللبنانية عن غياب يثير شكوك بالجيش اللبناني في تواجده في المنطقة الحدودية بين الدولتين. أدى ذلك بالكثير من المسؤولين السياسيين إلى أن يطلبوا من الحكومة والجيش استعادة سيطرتهم على ذلك الجزء من الحدود.
وقد جرت في الأسبوع الأخير عدة مواجهات بين حزب الله وعناصر إسلامية تابعة لتنظيم داعش وتنظيم جبهة النصرة المحسوب على القاعدة، وهم من السنة بخلاف حزب الله الشيعي. قُتل في اليوم الأول العشرات من عناصر حزب الله في معارك مع جبهة النصرة والتي جرت في أراضي تقع بين جنوب بعلبك وبلدة عرسال الحدودية. وتعتبر تلك إحدى الخسارات الأكبر لحزب الله منذ بداية مشاركته في الحرب الأهلية السورية كمحاولة للدفاع عن نظام بشار الأسد.
ولم تكن تلك هي الهجمة الأولى التي يقوم بها المسلّحون من سوريا على الحدود اللبنانية. فقد جرت في بلدة عرسال في شهر تموز الأخير معارك دامية بين الجيش اللبناني المدعوم من عناصر حزب الله وعناصر من تنظيم جبهة النصرة وتنظيم داعش، والذين حاولوا احتلال البلدة ذات الغالبية السنية حيث تحوي عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين. وقد قُتل في تلك المعارك التي استمرت لخمسة أيام واختُطف عشرات الجنود اللبنانيين. ولا يزال بعضهم يُعرّف أنّه غائبًا وتجري مفاوضات غير مباشرة في شأنهم بين الحكومة اللبنانية والمسلّحين المتمركزين في جبال القلمون.
المسلّحون في القلمون محاصرون من الجانب السوري وليس لديهم خيارات كثيرة مع اقتراب فصل الشتاء البارد في تلك الجبال. ولذلك، وفقًا لموقع “العرب” فقد كانت المعارك يوم الأحد متوقعة مسبقًا. إلا أنّ الأمر الغريب والمقلق بالنسبة للكثير من اللبنانيين هو الغياب المفاجئ للجيش عن تلك الأحداث بشكل تامّ. يبدو أنّ حزب الله هو الذي يدير مناطق الحدود.
وقد أدان كثيرون في البلاد ما وصفوه “تخلي الجيش عن مسؤولية الدفاع عن الحدود ونقلها لحزب الله”. من الجدير بالذكر أنّه قد صدرت سابقًا إدانات للتحركات الحرّة التي يسمح بها الجيش لعناصر حزب الله الذين يتنقّلون بين لبنان وسوريا.
ونتيجة لهذا الوضع، يطالب العديد من المسؤولين السياسيين في لبنان في الأيام الأخيرة من الحكومة ومن الجيش تحمل المسؤولية المنوطة بهم وبسط سيطرتهم على الحدود مع سوريا. “إنّ الدفاع عن الحدود من قبل حزب الله هو أمر غير مقبول تمامًا، وذلك بسبب مشاركة التنظيم في القتل الدائر في سوريا”، هذا ما كتب في رسالة مشتركة لبعض التيارات اللبنانية.
إنّ مساعدة حزب الله لقوات بشار الأسد في الصراع الدائر في سوريا منذ ما يزيد عن ثلاثة أعوام أدى إلى تدهور الوضع الأمني في لبنان. وقد تمثّل التدهور بصورة عمليات انتحارية في بعض المناطق، وخصوصًا في الضاحية الجنوبية؛ معقل حزب الله. ويحاول المزيد من التنظيمات المتطرفة احتلال مناطق وبلدات على طول الحدود السورية اللبنانية، وهناك قلق في لبنان من أن تشمل المرحلة القادمة هجمات في عمق البلاد.
أدى هذا الوضع إلى تضخم حقيقي في عدد الأصوات المطالبة مؤخرًا بانسحاب حزب الله من سوريا قبل أن يكون متأخرًا ويتحوّل لبنان إلى جزء من المعركة. ويتهم كثيرون إيران باعتبارها من دفع بحزب الله إلى داخل المستنقع السوري كجزء من محاولتها لتعزيز قبضتها على المنطقة.
تم نشر المقالة لأول مرة في موقع ميدل نيوز