آفي كالش (56 عاما) وُلِد في لبنان، ووصل في عمر 6 سنوات مع كل عائلته إلى إسرائيل وحتى أنه شارك في حرب لبنان الأولى (حزيران 1982). في الوقت الراهن، تخدم ابنته شاحار كالش في الجيش وترصد تحركات عبر ثكنة عسكرية في منطقة الحدود اللبنانية، وتشاهد محافظات الدولة، التي وُلِد فيها والدها.
كانت ترغب كالش قبل أن تتجند للجيش في العمل مع الجنود بوظائف إرشادية. “أردتُ أن أكون مرشدة في سلاح المظلات ولكن لم أنجح. تم تعييني في وظائف استخباراتية. اقتُرح علي الكثير من الوظائف ولكني أردت وظيفة هامة”، تقول كالش لنا في مقابلة معها.
كانت البداية صعبة. أرسل الجيش شاحار كالش إلى ثكنة في جنوب إسرائيل لاجتياز تدريبات ودورة رصد تحركات، استمرت ثلاثة أشهر. أثناء حديثها معنا أوضحت كالش إلى أي مدى لم تكن راضية عن الخيار بسبب الوصمات في الجيش الإسرائيلي حول العمل في وحدة الاستخبارات لرصد التحركات. ولكن رويدا رويدا فهمت أهمية وظيفتها وقررت العمل في هذا المجال.
وصمات صعبة
في السنوات الأخيرة، تصدر عمل وحدة الاستخبارات التي ترصد التحركات في الجيش الإسرائيلي، العناوين. جاء ذلك أحيانا بسبب التفوق في منع تنفيذ عمليات، وأحيانا أخرى بسبب ظروف خدمة متدنية ومشاكل. كانت الذروة في حزيران 2016 عندما كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” قصة تمرد الجنديات اللواتي يعملن في رصد التحركات، وعندما سُجِنت خمس فتيات وأجبِرَت نحو 20 جندية على البقاء في الثكنة لمدة أسبوعين.
تابعت ظروف عمل الجنديات اللواتي يرصدن التحركات في تصدر العناوين طيلة فترة طويلة. حتى أنه تم الاعتراف بعدد من الجنديات كصاحبات إعاقة نتيجة الخدمة في الجيش، فوفق ادعائهن حدث ذلك بسبب نقص الظروف الملائمة في خدمتهن، وفي حالات كثيرة ادعت الجنديات أنهن لا ينمن ساعات كافية ولا يتلقين وجبات منتظمة.
في أيلول 2016، تصدرت العناوين قضية أخرى عندما لم يُسمح لجنديات في وحدة الاستخبارات لرصد التحركات في موقع في جنوب غزة بالدخول إلى غرفة الطعام، فوفق أقوالهن السبب هو نزاع مالي بين وحدات الجيش.
قبل 5 سنوات، نشرت مندوبية شكاوى الجنود تقريرا خطيرا حول عمل الجنديات في وحدة الاستخبارات لرصد التحركات في الجيش. جاء في التقرير أن الجنديات اللواتي يرصدن التحركات يعملن في ظروف صعبة ويعانين من قلة النوم والموارد البشرية، وصعوبات ومشاكل طبية. بالإضافة إلى ذلك، يتعرضن لمعاملة صعبة من الضباط. ردا على ذلك، صادق رئيس الأركان حينذاك بيني غانتس على شراء أسرة، مكيفات، ومعدات مرافقة، وكذلك على التعامل بشكل مختلف مع شكاوى الجنديات الطبية.
في السنوات الأخيرة، اجتازت المنظومة تعديلات، وفق ادعاءات جهات مسؤولة في الجيش فقد تحسنت الظروف بشكل ملحوظ.
حاولنا أن نفهم من كالش ما هو سبب الوصمات الصعبة التي تلحق بالجنديات اللواتي يرصدن التحركات ولماذا اختارت الخدمة في هذا المجال تحديدا؟
“الوصمات شائعة منذ سنوات كثيرة. تعتقد الغالبية أن ظروف الخدمة السائدة شبيهة بالظروف منذ إقامة الدولة. ولكن منذ الدورة لاحظت أن هذه الوظيفة مثيرة للتحدي وفهمت المسؤولية الملقاة علي. تتيح لي هذه الوظيفة إنقاذ حياة الآخرين وإحباط التهديدات”.
كانت أمام كالش إمكانية الخدمة في منطقة الحدود مع مصر، الضفة الغربية، سوريا، قطاع غزة، والحدود مع لبنان. “فاستشرتُ والدي كثيرا. وقررتُ أن أخدم في الحدود مع لبنان”.
لماذا في منطقة الحدود مع لبنان تحديدًا؟
“أعتقد أن الخدمة هنا مثيرة للتحدي أكثر. ففي هذه المنطقة أعمل على رصد معلومات وأستخدم منظومات متطورة أكثر. روى لي والدي قصصا عن لبنان ويشكل هذا بالنسبة لي إكمال الحلقة المفقودة”.
كيف يبدو يوم عمل روتيني في رصد التحركات؟
“تعمل عدة فتيات في الوحدة. نجلس 4 ساعات في الوردية، ونرصد التحركات، وننقل التقارير عند الحاجة. الحدود هنا هادئة غالبا. يمر معظم الوقت أثناء الوردية في الإصغاء إلى قصص الزميلات في الوحدة”.
ما رأيك في لبنان؟
“لبنان دولة رائعة، جميلة، وتحب الجنديات هذه المنطقة. أعرف كل نقطة فيها وأحبها. مناظرها خيالية وجميلة”.
“شارك والدي في التفجيرات التي هدمت المنزل الذي ترعرع فيه في بيروت”
يفهم آفي كالش، والد شاحار، لماذا أوصى لها برصد التحركات على الحدود اللبنانية. فهو يشعر أن هذا يشكل إكمال للحلقة المفقودة. فقد وُلِد في بيروت، لعائلة عمل أفرادها تجارا وموظفي بنك.
طرأت التغييرات عام 1967. “فبعد حرب الأيام الستة، تفاخر جدي أمام الكثيرين في بيروت بالانتصار الإسرائيلي الكبيرعلى الدول العربية. فسُجن لمدة شهرين. عندما أطلِق سراحه أراد الوصول مع كل أولاده بما في ذلك والدي إلى إسرائيل. قدمت عائلتي إلى إسرائيل عبر دولة ثالثة. في البداية قدمت جدتي وأولادها ومن ثم انضم جدي أيضًا”.
عندما التحق آفي بالجيش خدم في سفينة صواريخ وفي حرب لبنان الأولى خدم في سفينة قبالة شواطئ لبنان. “قال لي والدي إن لبنان تعرض لهجوم خطير وعلى ما يبدو فقد هُدِم المنزل الذي وُلِد وترعرع فيه أثناء الهجوم”.
تشعر شاحار ووالدها أن الحديث يدور عن إكمال حلقة مفقودة ويأملا أن يستطيعا يوما زيارة بيروت معا.