العاصفة التي ثارت في أعقاب مقطع الفيديو الذي يوثق جنديا وهو يطلق النار على الجريح الذي نفذ عملية الطعن في الخليل تأبى النسيان. منذ نشر مقطع الفيديو يوم الخميس الماضي، نُشرت مجموعة متنوعة من الإدانات على تصرف الجندي، الذي ظهر في مقطع الفيديو وهو يشهر سلاحه ويطلق النار على الفلسطيني المستلقي حيّا وجريحا على الأرض بعد أن طعن جنديا إسرائيليا وأصابه بجروح.
وقد أدان الحدث، من بين أمور أخرى، وزير الدفاع ورئيس الحكومة، وأمر رئيس الأركان الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، الشرطة العسكرية والجهات المختصة، بمباشرة التحقيق في الحادثة، وتعليق نشاط الجندي حتى يتم التحقيق معه.
ومع ذلك، فحقيقة الإدانة والهجوم ضدّ الجندي قد أثارا غضبا في أوساط عناصر اليمين المتطرف في إسرائيل، والذين ادعوا أنّ الجندي عمل كما ينبغي عندما “قتل إرهابيا حاول قتل اليهود”. وخلال نهاية الأسبوع عُلّقت في منطقة مقر الجيش الإسرائيلي في تل أبيب، وكذلك في منطقة الاستيطان اليهودي في الخليل، ملصقات ظهر فيها رئيس الأركان أيزنكوت وهو يرتدي ملابس “هامان” – وهو شخصية إجرامية في قصة عيد المساخر الذي يتم الاحتفال به في إسرائيل هذا الأسبوع ومن المعروف أنّه من أعداء إسرائيل. كُتب على الملصق: أيزنكوت عليك الاستقالة، وكذلك على بيبي (رئيس الحكومة)، وبوغي (وزير الدفاع). وقررت الشرطة التحقيق لمعرفة من نشر هذه الملصقات المحرّضة.
وجرت في مواقع التواصل الاجتماعي خلال نهاية الأسبوع الماضي جدالات قاسية بين من برروا تصرف الجندي، وبين أولئك الذين أدانوه وبرروا اعتقاله والتحقيق معه. وجد معارضو تصرف الجندي في صفحته على الفيس بوك صورة وأدلة تشير إلى أنه ينتمي إلى اليمين المتطرف وأنه أيد في الماضي أعمال العنف ضدّ الفلسطينيين. وكشف متصفّحون فلسطينيون في الشبكة عن صورة الجندي واسمه، بل وعن رقم هاتف والده الشخصي، ودعوا إلى الانتقام.
في المقابل، دعا عناصر اليمين “إلى وقف المحاكمة الميدانية” ضدّ الجندي، وطالبوا الحكومة والجيش بدعمه. وسعى أيضا أعضاء الكنيست ووزراء الحكومة اليمينيين إلى التعبير عن دعمهم للجندي. أدان الوزير نفتالي بينيت “الهجوم على الجندي” مدعيا أنّه ليست هناك أسباب لاتهامه بالقتل. وطُرحت في الشبكة عرائض تدعو إلى إطلاق سراح الجندي فورا، وكما طالبت مجموعات بدعمه. ونشرت أخت الجندي هي أيضًا منشورا في الفيس بوك، والذي انتشر بسرعة، حيث كتبت: “نحن نشعر أنّ سكين الإرهابي الذي كان مستلقيا على الشارع في الخليل، قد غرسها النظام في ظهر أخي الصغير”.
وبدْءًا من الأمس تنتشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية أدلة جديدة من تحقيق الجيش، بحسبها فإنّ الجندي جاء إلى ساحة العملية فقط بعد انتهاء الحدث، وأطلق النار على منفذ عملية الطعن بعد 6 دقائق من كونه لم يعد يشكّل خطورة، وبعد أن كان واضحا أنّه ليس هناك حزام ناسف على جسده، مما يدحض شهادة الجندي الذي ادعى أنّه خشي أن يكون الفلسطيني لا يزال يشكّل خطرا. وهناك دليل آخر من شأنه أن يورط الجندي، والذي يتم التحقيق في مصداقيته الآن، وهو ما قاله جندي آخر سمع الجندي الذي أطلق النار يقول بعد الحادثة: “يستحق الموت، لقد طعن أصدقائي”.