يستعدّ الفلسطينيون لزيارة رأس الكنيسة الكاثوليكية: الشرق الأوسط في حالة تأهّب قبيل زيارة البابا فرنسيس الأول، والسلطة الفلسطينية تستعدّ أيضًا لزيارته. هبط ظهر اليوم البابا فرنسيس الأول، رأس الكنيسة الكاثوليكية، في زيارة من يوم واحد للأردن وفي أيام الأحد والإثنين من المرتقب أن يزور بيت لحم والقدس.
“نحن نتأهّب للزيارة التاريخية الأولى للبابا الحالي”، هذا ما قاله لي بائع في أحد محلات بيع التذاكر المتنشرة بالقرب من الكنيسة.
وفي حديث مع بعض الشبّان الذين كانوا يستريحون في ظلّ الشجر في الشارع الرئيسي للمدينة، شارع المهد، فهمت أنّ “هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها بشكل واسع وحدة وطنية في استقبال البابا”. “الجميع على الإطلاق يؤيدون الزيارة، بداية من رئيس السلطة وصولا إلى الأحزاب الأخرى”، هذا ما قاله لي محمد، وهو نادل في محل بيع الحلويات “القصر”. سألته ماذا يعني ذلك؟ أخبرني أنه رغم اتفاق المصالحة الفلسطيني فلم يُدع قادة حماس في الضفة الغربية للاستقبال الرسمي الذي سيجرى غدا للبابا لدى هبوطه في بيت لحم.
صعّبت السؤال عليه وسألته عن طبيعة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في المدينة. كان الجواب الصارخ سريعًا. “العلاقات مؤخرا باردة جدّا”، كما قال. هناك فجوة تتعاظم بين كلا الطائفتين اللتين تشكّلان سكّان بيت لحم وقرية بيت جالا، القريبة من المدينة.
من جهة فأنت ترى أنّ هناك تطرّف إسلامي في الشارع، المزيد والمزيد من رجال حماس يتولّون إدارة المساجد في المدينة ومن جهة أخرى فأنت ترى أن المجتمع المسيحي يتفرّق. الهجرة السلبية للمسيحيين، فالجيل الشاب لا يريد العيش في المدينة وهم يبحثون عن الهجرة إلى الولايات المتحدة، أستراليا أو كندا، يدّعون أنهم لن يعانوا هناك من اضطهاد الإسرائيليين أو العلاقات العكرة مع إخوانهم الفلسطينيين من أبناء الطائفة المسلمة.
في المرة الأولى لم تنس بيت لحم أن زيارة البابا يوحنا بولس الثاني عام 2000 قد جلبت معها المشاعر الكبيرة، وبعد ذلك أيضًا النموّ الاقتصادي. بعد تسع سنوات من ذلك وصل البابا بندكت السادس عشر، وارتدت المدينة ملابس العيد. واليوم، قبل ساعات قليلة من زيارة البابا فرنسيس، يبدو أنّ سكان المدينة الفلسطينية التي تتواجد فيها الجالية المسيحية الأكبر في أراضي السلطة لم يفعلوا كل ما بالإمكان فعله لاستقبال وصول الكرسي الرسولي.
تمرّ كنيسة المهد، التي سيكون فيها قمّة الزيارة، في الشهرين الأخيرين تجديدات واسعة والتي من المرتقب أن تستمر خلال زيارة الكرسي الرسولي. الشهادة الحيّة للاستعدادات المحمومة كانت المنصّة الضخمة التي بنيت في الساعات الأخيرة وعليها سوف يخطب البابا القدّاس الإلهي. لافتات في كلّ زاوية في الشارع. “السلطة الفلسطينية وأبو مازن يباركان قداسته على زيارته التاريخية”، هذا ما كتب على إحدى اللافتات. أعلام الفاتيكان إلى جانب أعلام فلسطين ترفرف في جميع الشوارع القريبة من الكنيسة وآلاف السائحين يتجمّعون حول الكنيسة والفنادق القريبة، والتي هي مزدحمة عن آخرها.
ستستمرّ زيارة فرنسيس في بيت لحم لسبع ساعات. سيصل فرقبلنسيس بطائرة مروحية من عمّان وسيُستقبل من قبل الرئيس الفلسطيني أبي مازن ومسؤولين في القيادة الفلسطينية. وسيزور أيضا كنيسة المهد.
وممّا رأيت، أنّ مرشدي السائحين، الذين يتحدّثون الإنجليزية بطلاقة، يؤكّدون عن ماضي الكنيسة الفلسطيني وفي كلّ حديث يشرحون للسائحين عن معاناة الفلسطينيين. فهمت من أحد مرشديهم، والذي طلب ألا يتمّ ذكر اسمه، بأنّ البابا سيلتقي ببعض الأسر المسيحية. الهدف: أن يؤكّدوا في حضوره على المعاناة الفلسطينية. ومن بينهم ستكون هناك أسرة واحدة تمّ طردها من منزلها عام 1948 وأسرة أخرى لديها أسير في السجون الإسرائيلية. وسيلتقي البابا كذلك بمائة طفل من مخيّم الدهيشة للاجئين.
في اليوم الثاني من المرتقب أن يزور البابا الأماكن المسيحية المقدّسة في القدس، ومن بين أمور أخرى سيلتقي مع مفتي القدس في المسجد الأقصى. لا شكّ أنّها زيارة رمزية، وهي زيارة سيتابعها الإسرائيليون والفلسطينيون بترقّب شديد عن قرب ليشاهدوا ما هي اللفتات الإنسانية التي سيمنحها البابا لكلا الشعبين.