بعد انتهاء المرحلة الأولى من الدرجة العُليا الإسرائيلية، وجد أبناء سخنين – بهدوء تامّ – أنفسهم في المرتبة الثالثة. يدرّب الممثّل الأبرز للمجتمع العربي في إسرائيل المدرّب الواعِد ماركو بلبول، وقد فاز الفريق في 6 مباريات، تعادل في 5، وخسر اثنتَين فقط. الفريقان الوحيدان اللذان نجحا في الفوز على سخنين هما متصدّر الدوري ووصيفه – مكابي تل أبيب وهبوعيل بئر السبع.
جمعت المباراة الأخرى في المرحلة سخنين مع عدوّها اللدود، بيتار القدس. تحفل المباريات بين الفريقَين دائمًا بالتوتّر، ويصل المشجعون إلى ملعب “الدوحة” في سخنين أو “تيدي” في القدس بكميات كبيرة، وينقادون أكثر من مرّة إلى احتكاكات حادّة مع مشجّعي الفريق الآخَر. بالنسبة للمشجّعين، تتخطى المباراة حُدود الرياضة وتصبح نوعًا من التنافس “القومي” – عرب إسرائيل من جهة، واليمينيون المتطرفون من جهة أخرى. تبذل رابطة المشجّعين المتطرّفة لبيتار، “لا فاميليا”، قصارى جهدها لإشعال الأجواء بلعنات موجّهة ضدّ النبي محمد وحتّى إحراق مصاحف، كما حدث في نهاية المباراة في بداية الأسبوع بمصحف السائق، في الحافلة التي رتّبها أبناء سخنين لمشجّعي بيتار.
مشجّعو سخنين أيضًا يصابون بالجنون حين يصل بيتار إلى ملعب “الدوحة” في المدينة:
http://www.youtube.com/watch?v=iWJBxiD1ehs&feature=youtu.be
لم تبلغ المباراة نفسها مستوى مرتفعًا، وانتهت بالتعادُل السلبي دون أهداف. رغم ذلك، نظر أبناء سخنين إلى الأسفل في ترتيب الدوري وسُرّوا برؤية مكابي حيفا وهبوعيل تل أبيب تحتهم، دون الحديث عن بيتار الضعيف. نسج ماركو بلبول نسيجًا خاصًّا من اللاعبين، يدمج بين إسرائيليين ذوي خبرة أمثال ديدي بن ديان وربيد غزال، شباب مميَّزين في المجتمع العربي – المهاجمَين محمد غدير ومحمد كليبات، والمدافع علي عثمان، ولاعبي تعزيز أجانب مجرَّبين، أبراهام باز، ستيفان أوبيان ساندي، كريستيان هيدالغو. بالنسبة لبلبول، كلّ لاعب يساوي تمامًا قدراته على أرض الملعب، دون اعتبار لأصله أو خبرته في الملاعب. هكذا، ينتج التزام عظيم بين جميع اللاعبين ومنافسة جديّة لارتداء قميص التشكيلة الأولى.
غدير يعرض تقنيّة رائعة في السيطرة على الكرة ويُرسلها بأناقةٍ إلى الشباك:
إنّ تعامُل بلبول مع اللاعبين هو نتيجة مباشرة للجوّ الذي تفرضه الإدارة. فعلى مرّ السنين، حتّى حين كان الجوّ في إسرائيل متوتّرًا جدًّا، حرص اتّحاد أبناء سخنين على التوقيع مع لاعبين يهود أيضًا، إشراكهم في ما يجري في المدينة، وتحويلهم إلى جزءٍ من الأسرة. فقد قضى الحارس مئير كوهين ما لا يقلّ عن سبعة مواسم في النادي، تمكّن خلالها من حيازة شارة القيادة.
رغم ذلك، ثمّة مَن يحاول “إضفاء طابع سياسي” على الفريق. فاليمينيون في إسرائيل ينتقدون رفع أعلام فلسطين في المدرَّج وشتائم المشجّعين بحقّ مشجِّعي بيتار القدس وغيرهم؛ إلى جانب هؤلاء المشجّعين، ثمة سياسيون أيضًا، الأشهر بينهم هو د. أحمد الطيبي، عضو الكنيست عن الحركة العربية للتغيير، وهو الذي يدافع عن كرامة سخنين في وسائل الإعلام. هذا الأسبوع، مثلما يحدث عادةً بعد اللقاءات مع بيتار، طالبت النائب عن الليكود، ميري ريغف، تجميد مشاركة سخنين في الدوري ووقفَ الموازنة التي يحصل عليها الفريق من الدولة. لا حاجة للتذكير أنه تصريح شعبويّ لا يتوافق مع قيَم الديموقراطية. لذلك، مشجّعي سخنين – لا تقلقوا.
من الأفضل التركيز على كرة القدم الرائعة التي يقدّمها فريق سخنين – تمريرة رائعة من مغربي إلى كليبات المميَّز:
على الملعب نفسه أيضًا، ثمة ما يخاف منه مشجِّعو سخنين. فمنذ بداية الموسم، يؤدي اللاعبون بشكل ممتاز، يلسعون بهجماتٍ سريعة عند الحاجة، ويسيطرون على وسط الملعب، مرةً تلو الأخرى. ثمة مَن يقول إنّ المتانة الجسدية (والعقليّة) هي المُكوِّن الأهمّ في نجاح الفريق، لكن يبدو أنّ هذه الفرضيّة تُسيء إلى عدد من المهاجمين الرائعين، الذين تعلَّموا رفع الرأس والبحث عن تمريرة قبل التسديد، ولكن إن طُلب منهم ذلك، فهم قادرون على أخذ الكرة والركض بها عشرات الأمتار نحو شِباك الخصم. يُسبّب غدير، كليبات، ومغربي صداعًا لكلّ دفاعٍ في الدوري، ومدرّبو الفرق الأخرى يُدركون أنّ الضغط على لاعبي الوسط وحده يمكن أن يوقف سخنين. فإذا وصلت الكرة إلى أحد النجوم الشبّان الثلاثة، لا يبقى لحارس المرمى سوى الابتهال إلى الله.
تعاوُن مذهل آخر في هجوم سخنين – لاحظوا كعب هيدالغو والتسديدة الدقيقة لمغربي:
في نهاية المطاف، يستطيع أبناء سخنين الافتخار بما يقدّمونه. فقد وصلوا إلى كانون الأول بوضعٍ ممتاز في الدوري، وهم يأملون الآن أن يكونوا في نهاية الموسم في القسم العلوي من الدوري وينافسوا على مكانٍ في أوروبا مع كبار الدوري. لا يجرؤ أحد حاليًّا على الحديث عن ذلك، لكن هذه السنة يُحيون في سخنين الذكرى السنوية العاشرة لموسمهم الأول في الدرجة العُليا وفوزهم التاريخي بكأس الدولة. لم ينسَ الفريق الجليلي اللحظات السعيدة. ومع تشكيلة اللاعبين المتّزنة، الحافز، والموهبة الكبيرة، فإنهم مرشحون حتمًا للوصول بعيدًا على كلّ الجبهات.
هكذا بدت رحلة سخنين نحو اللقب عام 2004 – ربّما هذه السنة أيضًا؟