سوق “محانيه يهودا” في القدس هو من الأماكن الأسطورية الأكثر قدمًا في السياسة الإسرائيلية. وتقول الأسطورة إن من ينال محبة بائعي منصات البيع في “محانيه يهودا” لا بد أنه سيفوز بسلاسة بالانتخابات. وإن قابلك أصحاب منصات البيع والمتسوقين بهتافات الازدراء ورموك بالخضراوات والبيض – فهذا معناه أنك ستلقى فشلاً ذريعًا.
التفسير هو أن سوق محانيه يهودا هو أفضل استطلاع قبل الانتخابات.
يتحلى هذا السوق بمكانة الأسطورة الإسرائيلية. وهذا هو السبب ورغم أن كل السنوات التي مضت، ورغم حقيقة أنه من الواضح أن السوق الحقيقي ليس هو بالفعل المكان الذي ستُحدد فيه مجريات الانتخابات إلا أن السياسيين ما زالوا يقصدونه. شاهدنا أحد المنافسين الأقوياء في الانتخابات القريبة، موشيه كحلون، ينزل بنفسه إلى سوق محانيه يهودا ويحاول كسب محبة الناس.
كذلك الأشخاص الذين يُفكّرون بالانضمام للسياسة يتحققون أولاً إن كانوا سيجتازون “اختبار السوق”. على سبيل المثال رئيس الأركان الإسرائيلي السابق جابي أشكنازي، الذي تجوّل في السوق ليُظهر شعبيته لدى الناس. منعه، بالنهاية، تحقيق الشرطة الإسرائيلية من دخول ميدان السياسة.
إنما هل هناك أهمية لذلك؟ لا شك أنه في أيامنا هذه مُجرد معلومة واحدة في الفيس بوك تصل إلى آلاف الإسرائيليين تكون أفضل من مئة جولة في الأسواق الكثيرة المُختلفة. تغلب الفيس بوك على ميدان السوق ولا شك أنه أصبح ميدان السوق الحقيقي.
لذا، يستثمر السياسي الإسرائيلي العادي الكثير من الأموال في النشر من خلال الإنترنت، أكثر بكثير من التجوّل ولقاء الناس. ولا يتنازل السياسيون، على الرغم من ذلك، عن “اختبار السوق”. لماذا؟
تتعلق أسطورة السوق بالرموز التي يُمثلها. زيارة السوق تعني الاختلاط بالأشخاص البُسطاء، “الأشخاص الحقيقيون”، الفقراء، الذين لا يزورون المجمّعات التجارية الكبيرة ولا يرتادون المقاهي الفاخرة.
السياسي الذي ما زال يُمارس “اختبار السوق” هو “ابن الشعب”، واحد منا وسيقف الناس خلفه في يوم الانتخابات أيضًا. هذا ما يحاول موشيه كحلون أن يفعله – إنسان بسيط، طيب القلب، لا يريد أن يفعل شيئًا ما عدا العمل لصالح شعبه.
يبدو أنه على الرغم من وجود الفيس بوك إلا أن ميدان السوق لم يختف من الصورة.