قبل ستّ سنوات أدين رئيس دولة إسرائيل بارتكاب جرائم جنسية خطيرة. فاستعرت البلاد، استطلعت الصحافة، ومنذ تلك اللحظة، يبدو أنّه قد افتُتح سدّ كان مغلقا لسنوات طويلة جدا.
باتت فضيحة الرئيس الإسرائيلي الأسبق، موشيه كتساف، تشكل نقطة تحول في الاهتمام القضائي واهتمام الرأي العام بجرائم الجنس بشكل عام، وبجرائم يرتكبها منتخَبو الجمهور بشكل خاص.
أصبح الوعي العام حول ظاهرة ارتكاب الجرائم الجنسية آخذ بالازدياد. وأدى قرار مجموعة من الصحفيات المستقلات ذوات أجندة نسوية، لمعالجة الموضوع بجدية ودون أية تسويات، ومن بينهن المراسلة القديرة، هداس شتايف في إذاعة الجيش، إلى الكشف عن المزيد من الحالات.
أدى تجنّد الصحفيات النسويات لهذه المعركة إلى زيادة عدد مقدّمات الشكاوى على ارتكاب جرائم نفذها مسؤولون بحقهن. فأصبحت تُسمع قصة تلو الأخرى، وشكوى وراء الأخرى. بدأت مؤامرة الصمت التي خيّمت على الجرائم الجنسية بالانهيار. فكُشفت في المجال العام الأسرار المظلمة لمسؤولين مُنتَخَبين إسرائيليين، رجال الجيش، موظفين حكوميين كبار، ورجال أعمال رائدين.
في الشهرين الأخيرين فقط أثارت عناوين تطرقت إلى الموضوع ضجة كبيرة تعبيرا عن صرخات النساء اللاتي تم استغلالهنّ: اشتباهات مزعومة ضد رجل الحياة الليلية الشهير، الذي اعتاد على تخدير النساء اللاتي التقى بهنّ واستغلالهنّ، نشر عن تحرّشات جنسية مزعومة لعضو كنيست في منصبه، اشتباهات مزعومة لارتكاب جرائم جنسية نفّذها مدّعي عام شهير، واشتباهات تجاه مسؤول في مكتب رئيس الحكومة.
ساعد الانفتاح في مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا على كشف أسرار عديدة. أتاح تطبيقا فيس بوك وتويتر أجواء داعمة للنساء مقدّمات الشكاوى ومنحا لهنّ دعما نسويا و “حماية افتراضية” من الاتهامات. ساعدت المنتديات الافتراضية، غير الرسمية، في الكشف عن القصص. وكما ساعد “منتدى تكنا”، المؤلّف من حاخامات وشخصيات رئيسية في الجمهور المتديّن، والذي يعالج شكاوى لنساء ورجال مرّوا بتحرّشات جنسية ويخشون من تقديم شكوى في الشرطة، على الكشف أكثر عن فضائح جنسية مخجلة.
يمكن التقدير بحذر بأنّ الجمهور الإسرائيلي قد يواجه الكشف عن المزيد من الحوادث المعقّدة – إلى حد ما – على الأمد القريب. إنّ كثرة الحوادث التي كُشف عنها، إضافة إلى الحالات التي من المتوقّع كشفها أيضًا، لا تشير فقط إلى حجم الظاهرة فحسب، وإنما تظهر أيضا أنّه لم يعد عارا أو تابو الحديث عن هذه الأمور. ولم تعد غالبية النساء مستعدّة للصمت.
إذا كانت أنظمة القضاء وإنفاذ القانون حتى الآن قد اعتادت على معالجة هذه الموضوعات، فإنّ الوعي الاجتماعي حول حجم الظاهرة يدل على أنّه ينبغي أكثر الآن أن تكون هناك يد حازمة وقاسية لمعالجة هذه الظاهرة المقلقة. ليس بالضرورة من خلال تشديد المواقف القضائية والإنفاذ الشرطي، وإنما من حيث نقل رسالة عامة حاسمة ورادعة ضدّ مخالفي القانون.