مساء اليوم، في الساعة الثامنة، ستبدأ في إسرائيل مراسم يوم ذكرى شهداء حروب ومعارك إسرائيل وضحايا الإرهاب. ستُسمع صافرة بصوت عالٍ في جميع أنحاء البلاد في الساعة الثامنة، ثم سيقف معظم مواطني إسرائيل دقيقة صمت في ذكرى أولئك الذين “ضحّوا بأنفسهم من أجل الدولة”. ستستمرّ ذكرى شهداء حروب ومعارك إسرائيل وضحايا الإرهاب بالضبط حتى يوم غد في الساعة الثامنة مساء، حينها ستُرفع الأعلام مجدّدا على الصاري، وستحتفل إسرائيل بيوم الاستقلال.
يرافق هذا الانتقال الحادّ، بين اليوم الأكثر صعوبة وألما في القومية الإسرائيلية، واليوم الأكثر سرورا واحتفالا فيها، الإسرائيليين منذ عام 1951، حين تقرّر أنّ ذكرى يوم الشهداء سيكون قبل يوم من يوم الاستقلال (في السنوات الأولى بعد إقامة دولة إسرائيل أقيمت المراسم في يوم الاستقلال نفسه، بشكل مواز للاحتفالات). ويهدف التجاور بين اليومين إلى التأكيد على الثمن الباهظ الذي تدفعه الدولة منذ إقامتها وحتى استمرار وجودها.
للأسف الشديد، يبدو أنّه ليس هناك أي إسرائيلي لم يعرف بشكل شخصيّ شهيدا واحدًا على الأقل. إنّ حقيقة أنّ هناك تجنيدا إلزاميّا في إسرائيل، تؤدي إلى أنّ لدى كل إنسان شخص يعرفه، صديق أو أحد أبناء الأسرة، قد سقط شهيدا في المعركة، أو ربّما قُتل في عملية إرهابية. وتُقدّر وزارة الدفاع الإسرائيلية أنّ نحو مليون ونصف إنسان، 18% من مواطني البلاد، سيذهبون إلى المقابر العسكرية وسيشاركون في مراسم ذكرى الشهداء.
وأولئك الذين لن يقوموا بذلك، سيشاركون كما يبدو في مراسم أخرى. في جميع المدارس، بل وحتى في معظم الروضات في إسرائيل، سيتمّ إحياء هذا اليوم بمراسم، بقراءة أسماء الشهداء، أو بمشاركة قصص البطولة المختلفة. تُجبر الصافرة، التي يتم سماعها مساء ذكرى يوم الشهداء، وفي صباح اليوم نفسه، أن يوضّح للأطفال منذ سنّ صغيرة دلالة هذا الأمر. يرتدي الجميع في هذا اليوم قمصانًا بيضاء، وهناك في الهواء أجواء احتفالية ومتوتّرة، مشبعة بالكثير من الفجيعة والألم.
وتُحيي قنوات الإذاعة والتلفزيون هي أيضًا هذا اليوم ببثّ الموسيقى الإسرائيلية الهادئة. وقد أصبح الكثير من الأغاني التي كُتبت على مدى السنين عن الجنود الذين سقطوا وعن الحروب، والأغاني الوطنية الهادئة، رمزًا إضافيّا لهذا اليوم. تكون الأجواء في هذا اليوم أكثر هدوءًا، ويمكن في الشوارع أن نشعر تماما بأنّ الناس متسامحين وصبورين أكثر تجاه بعضهم البعض. تلّف القداسة اليوم كلّه. الإذعان الصامت لتكريم هذا اليوم، ولذكرى الشهداء، أولئك الذين ضحّوا بأنفسهم كي نستطيع الاستمرار في الحياة. لن يفهم الغريب ذلك. وليس هناك إسرائيلي لا يعرف ذلك. الشعور الخاصّ والحزين بالفجيعة والاحترام يتجلّى كعباءة كبيرة فوق إسرائيل على مدى 24 ساعة بالضبط.