قبل فترة قصيرة من اختطاف الشبان الثلاثة وقتل الشاب الفلسطيني، محمد أبو خضير، وقبل أن تتطور المواجهات في غزة، تم نشر كل القبب الحديدية وتم استلام بطارية صواريخ جديدة سابعة والتي لم يكن قد تم تشغيلها بعد نتيجة نقص بالميزانية والطاقة البشرية. والآن هناك سبع بطاريات تحمي المواطنين الإسرائيليين وموجودة في كل مكان معرّض للخطر. بالطبع هنالك حضور قوي للقبة الحديدية في الجنوب ولكن هذه المنظومة تعرف كيف تحمي أيضًا منطقة وسط البلاد عند الحاجة.
وفي غضون ذلك، صادقت، أمس الثلاثاء، لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي ومعنية بخصائص الأمن أن ميزانية 2015، والتي تبدأ في غضون 3 أشهر، ستشمل 621.6 مليون دولار ستذهب للمنظومات الدفاعية الإسرائيلية. ومن المتوقع أن يصادق الرئيس الأمريكي على نقل العون المالي هذا لإسرائيل.
تغيّرت منظومة القبة الحديدية كثيرًا، من ناحية العتاد الإلكتروني، البرمجة والخبرة المهنية.
توجد اليوم نماذج محسنة من ناحية المدى، تخضع القبة الحديدية دائمًا للتحسين والتعديل بهدف توسيع المساحة التي تغطيها وأيضًا مسألة مدى اعتراض الصواريخ واعتراض الصواريخ طويلة المدى التي ستتعامل في المستقبل “العصا السحرية” معها.
في نهاية عملية “عامود السحاب”، التي مرّ هذا الشهر عامٌ وثمانية أشهر على بدايتها، عبّر الإسرائيليون عن رضاهم الشديد من إنجازات المنظومة. فقد اعترضت المنظومة 421 صاروخًا أُطلق من قطاع غزة، تشكّل 84% من مُجمَل الصواريخ التي أُطلقت.
تستمر القبة الحديدية اليوم أيضًا، في ذروة “عملية الجرف الصامد”، بتأمين حماية بارزة لسكان جنوب ووسط البلاد الذين يعيشون حالة تأهب أمني عالية.
وليس الرضا عن عمل المنظومة مسلَّمًا به. فمع تحولّها إلى عملياتية عام 2011، أثيرت شكوك كبيرة حول فوائدها. وادّعى البعض أنّ الاستثمار فيها لا طائل منه بالنسبة للمنظومة الأمنية الإسرائيلية. في مستهلّ العقد الماضي، اعتُبرت منظومة “نيوتيلوس” الأمريكية الأكثر نجاعةً ضدّ تهديد الصواريخ، واستعدّت إسرائيل لشرائها من الولايات المتحدة.
لكن عام 2009، طوّرت الصناعة العسكرية في إسرائيل “القبة الحديدية”، كردّ إسرائيلي على “نيوتيلوس”. وعارض كثيرون في المنظومة الأمنية الإسرائيلية الاستثمارَ في المنظومة الإسرائيلية. وكان الادّعاء الأساسي أنه بالمقارنة مع المنظومة الأمريكية، فإنّ عمل القبة الحديدية بطيء ومشوَّش: “حتى تُجري المنظومة الحسابات وتوعز بإطلاق الصاروخ، يكون الصاروخ الذي أُطلق من قطاع غزة قد ضرب سديروت”، قال خبير أمني في ذمّ المنظومة. “القبة الحديدية هي قبة الأوهام”، ادّعى.
فضلًا عن ذلك، بعد اختيار تطوير القبة الحديدية، بدأت تُسمَع ادّعاءات مفادها أنّ عناصر في المنظومة الأمنية ساندت المنظومة فقط من أجل تصديرها لدول أجنبية مقابل ربح مادي، رغم أنّ قدراتها الدفاعية لا تُلائِم حاجات إسرائيل. “لا ريب أنّ القبة الحديدية يمكن أن تُناسب دولًا لا تتواجد في خطر سقوط صواريخ يوميّ مثل إسرائيل”، قيل حينذاك.
وقد توجه معارضو المنظومة إلى المحكمة العُليا بهدف إيقاف تطويرها. كان الادّعاء أنّ “أخطاء خطيرة جدًّا” ارتُكبت في سلوك اللجنة التي اختارت المنظومة، وأنه مقابل إشكالية القبة الحديدية، فإنّ منظومة “نيوتيلوس” أثبتت نفسها في عشرات التجارب على الأرض. وكان الادّعاء الآخر الذي طُرح مرارًا ضد المنظومة أنّ تكلفة تشغيلها مرتفعة جدًّا. ففيما يكلّف كلّ صاروخ يُطلَق من قطاع غزة إلى إسرائيل بين عشرات ومئات الدولارات، فإنّ كلّ صاروخ اعتراض تُطلقه المنظومة يُكلّف إسرائيل عشرات آلاف الدولارات.
ولكن رغم كلّ الادّعاءات، قرّرت المنظومة الأمنية الإسرائيلية مواصلة التطوير. والآن، يتّضح أنّ القبة الحديدية هي نجاح أمني كبير. أحد أكبر المُستفيدين من العملية هو وزير الأمن الأسبق ووزير حماية البيئة الحالي، عمير بيرتس، الذي اتّخذ قرار تبنّي المشروع حين كان في وزارة الأمن. حتّى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي لا يُعدّ في العادة من مُحبّي بيرتس، مدحه على ذلك. “أريد أن أمدح عمير بيرتس، الذي آمن كوزير أمن منذ اللحظة الأولى بهذا المشروع”، قال نتنياهو مِن على منصة الكنيست.
كجزء من نجاح المشروع، حُدّدت لرئيس الولايات المتحدة باراك أوباما زيارة خاصّة لبطارية القبة الحديدية خلال زيارته إسرائيل في آذار 2013. “أنتم تقومون بعمل رائع. هذه شراكة جيّدة”، قال أوباما لقائد سلاح الجو، اللواء أمير إيشل، الذي عرض أمامه قدرات المنظومة. “كُنت في سديروت وسمعتُ إلامَ تؤدي الصواريخ”، قال أوباما.
منحت أيّام عملية عمود السحاب، “القبة الحديدية” البلدات الجنوبية المجاورة لغزة حماية كبيرة نسبيًّا. حتى سكان تل أبيب رأوا أثر الصاروخ المعترِض في مدينتهم. وفقًا لخبراء في إسرائيل، لعبت المنظومة دورًا هامًّا في إضعاف حماس وباقي التنظيمات في قطاع غزة: “حين تعرف التنظيمات الإرهابية أنّ هناك قدرات كهذه، وأنّ إطلاق الصواريخ لا يُجدي نفعًا تقريبًا، يمسّ هذا بدافعهم للقتال”، قال قائد سلاح الجو سابقًا، إيتان بن إلياهو، في مقابلة مع صحيفة معاريف. “كل إطلاق نار يكشفهم، وقدراتهم على إلحاق الضرر تضعف، ما ينهكهم ويزيد القوة الإسرائيلية. ينتِج هذا ردعًا”.
كما ادّعى النقاد سابقًا، فالمنظومة ليست قادرة على توفير حماية محكَمة لكلّ مواطني إسرائيل. ففي عملية “عمود السحاب” نجحت حماس في إطلاق بضع صواريخ أصابت مباشرةً البيوت في ريشون لتسيون وكريات ملاخي، وتسبّبت بأضرار في الجانب الإسرائيلي. لكن رغم الانتقاد، لا يُعرف ماذا كان حجم الضرر سيكون لو لم تُستخدَم المنظومة. في ظلّ الرضا عن أدائها، ازداد نطاق عمل المنظومة. فصيف 2013، اعترضت المنظومة للمرة الأولى صاروخًا أُطلق من لبنان، وآخر من سيناء. حتى الآن، هناك ست بطاريات “قبة حديدية” عاملة على حُدود إسرائيل. وتقول المنظومة الأمنية الإسرائيلية إنّ البطارية السابعة ستبدأ عملها قريبًا، وإنّ ثماني أو تسع بطاريات ستعمل في إسرائيل حتى عام 2016.