هل يمكن أن يُنافي أسلوب الحياة النباتي مبادئ الإسلام؟ لقد طُرح هذا السؤال مرارًا من قبل مُسلمين يعيشون حول العالم. تجري العادة، في المناسبات الدينية؛ وبينها شهر رمضان وعيد الأضحى، ذبح الحيوانات وتناول لحمها كجزء من تقديم الأضاحي لله. يُشكل العدل الاجتماعي، إلى جانب ذلك، ومسألة الاهتمام بالآخر المبادئ الأساسية في الإسلام، وإن كان ذلك تحت إطار “في فقراء بلده”.
تضمنت مسألة رفع الوعي، بخصوص الذبح الرحيم والإنساني للحيوانات، في الغرب ادعاءات لجماعة “الخضر” بأن الدين الإسلامي هو الدين الأكثر بربرية ووحشية فيما يتعلق بذبح الحيوانات. لقد ظهرت لدى المسلمين المؤمنين حيرة داخلية بخصوص مسألة قوانين الذبح في دينهم، وهناك من توجهوا إلى مفتين شرعيين لأخذ نصيحتهم. أثارت الفتاوى الدينية وإبراز هذا الموضوع حوارًا مُشوقًا في مسألة حكم النباتية في الإسلام.
يؤيد الحوار الوسطي، المعاصر، مسألة نهج الحياة النباتي. التيار الوسطي هو التيار الرئيسي والمعتدل في الإسلام، الذي يحمل شعار الاجتهاد (سن تشريعات جديدة والتي ليس هناك ما يؤكدها في التشريعات الدينية الموجودة)، وتيسير الشرائع، والمصالحة بين الشيعة والسُنّة، بين التيارات والمعسكرات المُختلفة في الإسلام، وبين العالم الإسلامي والعالم غير الإسلامي.
يؤكد المفتون على أنه، فيما يتعلق بموضوعنا، بأن مذهب النباتية ليس ابتكارًا غربيًّا. ليس هناك ما يدعو المسلمين إلى الخوف من تبني عادات غريبة، يدعي المُفتون، حيث أن النباتية قد ذُكرت للمرة الأولى في القرآن. يُذكّر المُفتون، بتفاخر، بأن راية الإسلام خضراء – رمز النباتية. يُشجع الإسلام، حسب ادعائهم، تبني النباتية ويوصي القرآن الكريم المؤمنين بتناول الغذاء النباتي الذي يُعتبر حلالاً، أي، مسموح به من ناحية دينية.
يُشدد الحوار الوسطي على أنه من واجب المُسلم الدفاع عن حياة وحقوق الحيوانات، التي تستحق الحماية تمامًا مثل البشر. يُشير الشيخ يوسف القرضاوي، في فتواه، أن للحيوانات خمس حواس، تمامًا مثل الإنسان، لديها روح، وتشعر بالألم. ليس جميعها مُحلل لأكل البشر لذا يجب العناية بها. ويدعي مفتي آخر، ذاكر عبد الكريم نايك، بأن قتل حيوان لديه حاستان، على الأقل، يُعتبر جريمة. يصف مفتي ديني آخر أفضلية النباتية على صحة الإنسان، ويحث قارئيه على تبني هذا النهج.
يُدرك، ما عدا ذاك، الكثير من المفتين التداعيات البيئية القاسية المُتعلقة بتربية عدد كبير من الأبقار والحيوان من أجل استهلاكها، ويناشدون الجمهور بتقليل الكمية التي يأكلونها من اللحم وحتى التخلي تمامًا عن أكلها. وهناك من يدعون أن سورة البقرة، في القرآن، تتحدث عن التأثير السيء لذبح الأبقار على جودة البيئة وعلى الموارد الطبيعية.
حتى أن الإسلام الوسطي يدعي أن النبي كان شبه نباتي، كان يدعم النباتية من كل قلبه وعند هجرته من مكة إلى المدينة المنورة منع ذبح الحيوانات وتقديم الأضاحي. وورد في الحديث النبوي الشريف أن النبي مُحمد حذر من التناول المفرط للحم خشية من حدوث الإدمان الممنوع. إنما فيما يخص اللحم الذي تم ذبحه يدعي المفتون الوسطيون بأن النبي قال: “إن لم يكن اللحم طيبًا، لا لزوم لأكله”. بكلمات أُخرى، تقف تحت خدمة الفرد المؤمن من كل قلبه، بمذهب النباتية، حرية الاختيار. من هنا يتضح أنه ليس على النباتي ذبح حيوان في المناسبات الدينية، لأن الشيء المتعارض مع نمط حياته لن يُقربه بالتأكيد من الله.
تجد بعض الفتاوى المعاصرة بمذهب النباتية حلاً لطيفًا للتخفيف عن حياة المُسلمين في أوروبا، الذين يحتارون أو يخشون من مسألة إذا كان اللحم حلالاً أم لا، والفتاوى الدينية تُشجع المُسلمين النباتيين على الانضمام لحركة النباتيين العالمية. علينا أن نُشير أيضًا إلى نشاط الهيئة الإسلامية في أنحاء أوروبا، التي تحث السلطات في الغرب وجماعات “الخضر” على الدفاع عن حقوق الحيوانات والرفق بالحيوانات المذبوحة. الذبح السليم، وفقًا لادعاءاتهم، إن كان وفقًا للإسلام أو اليهودية، هو أكثر إنسانية من قتل الحيوان بواسطة تيار كهربائي، ويجب أن تتحول تلك الطريقة إلى نهج عالمي.
تنشط الحملة الإسلامية الخضراء ضد الألبان واللحم الذي تُصنعه شركات كبيرة في أوروبا، وتنادي بضرورة التقليل من استهلاك الغذاء الذي يؤدي إلى أمراض قلب وسرطان، لدى البشر، وفوق كل ذلك – ناشدت المؤمن المُسلم بأن يساهم بالحفاظ على بيئة خضراء أكثر.
نُشرت هذه المقالة لأول مرة على موقع Can Think