الجيش الإسرائيلي مستعدّ بجدّية كاملة للحرب مع حزب الله، هذا ما يكشفه مصدر أمني كبير في مقابلة مع صحيفة جيروزاليم بوست. كما يظهر من المقابلة، فإنّ الجيش الإسرائيلي قد وضع استنتاجات بعيدة المدى منذ حرب لبنان الثانية (حرب تموز)، وهو في حالة تأهب مستمرّة لحرب أخرى، “الجيش الإسرائيلي يستعدّ لمواجهة مع حزب الله قد تحدث غدًا، بعد عدّة أشهر أو بعد عدّة سنوات”، كما يقول المصدر.
تعتبر حرب لبنان الثانية التي اندلعت في صيف 2006 بين الجيش الإسرائيلي وبين حزب الله من قبل الكثيرين أحد أكبر إخفاقات الجيش الإسرائيلي. كشفت الحرب التي بدأت بخطف جنديّين إسرائيليّين واستمرت على مدى شهر، عن العديد من أوجه القصور وعدم الاستعداد في الجيش، فضلا عن عدم القدرة على التعامل بشكل فعّال ضدّ الصواريخ الضخمة التي وجّهها حزب الله إلى الجبهة الداخلية في إسرائيل.
في المقابلة تمّ تفصيل الدروس التي استنتجها الجيش الإسرائيلي من الحرب، وكشف عن القليل من قدراته وتحسيناته وأيضًا كانت هناك تصريحات متشدّدة وحادّة تجاه حزب الله. في أعقاب الرسائل الواضحة الموجودة في المقابلة وفي أعقاب رياح الحرب التي تهبّ منها، يمكننا أن نرجّح بأنّ المقابلة ليست مصادفة، وإنّما نتيجة لاستهداف نخب الجيش الإسرائيلي الأعلى، وربّما أبعد من ذلك.
“في حالة حرب جديدة، فإنّ هجومًا برّيّا واسع النطاق يمكنه أن يهزم حزب الله في لبنان”، هكذا يفتتح المصدر حديثه. “حزب الله يزداد قوّة. إنه قادر على إطلاق القذائف والصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ولكنّه سيظلّ يواجه صعوبة مع غزو برّي كبير لقوّات الجيش الإسرائيلي. من الواضح لدينا أنّنا سنحتاج إلى قوّات برّية من أجل القضاء على تهديد الصواريخ بعيدة المدى، وذلك رغم القدرات المتقدّمة التي تمّ تطويرها في السنوات الأخيرة من قبل سلاح الجوّ، والتي تمكّنه من قصف عدد كبير من الأهداف في وقت قصير. نحن على استعداد أفضل للسيطرة على أرض معادية. المناورة على الأرض ستساعد في تقصير الحرب على قدر الإمكان، وهذا في مصلحة إسرائيل”.
في المقابلة، التي لم تُنشر في الإعلام العبري، ربّما لتجنّب الذعر العامّ، يُظهر المصدر كفاءة العقيدة القتالية لدى حزب الله: “مقاتلو حزب الله خبراء في تنفيذ إطلاق الصواريخ ثمّ الاختباء السريع بعد ذلك، وكذلك هم يعملون في الأماكن الضيّقة، كالمناطق المبنيّة، والتي تكون قوّة الجيش الإسرائيلي فيها محدودة أكثر بكثير. إنّ جهود التسلّح لدى حزب الله لا تتوقّف، ولديهم الكثير من الصواريخ والقنابل، والتي سيستخدمونها ضدّ قوّات الجيش الإسرائيلي المدرّعة. سنرسل وحدات خاصّة إلى عمق حزب الله”.
ويتحدّث المصدر بالتفصيل حول التحسينات في سلاح المدفعية: “تمّ ترقية نطاق القذائف وهذا يمنحنا مرونة تنفيذية. نحو 40% من قذائف المدفعية، قد تحوّلت إلى قذائف قادرة على إصابة أهداف تتواجد على مسافة تقع حتّى 40 كيلومترًا بالضبط، ممّا سيجنّبنا الحاجة إلى وضع مدفعية في عمق أراضي العدوّ ولن نحتاج بعدها إلى سلاح الجوّ والذي يلقي قنابل يصل وزنها إلى 250 كيلوغرامًا. بالإضافة إلى ذلك، فالجيش الإسرائيلي في مراحل متقدّمة من شراء مدافع هاوتزر ذاتيّة الدفع، والتي ستحلّ محلّ منظومات M109 بقطر 155 ملم.
وماذا عن التغييرات في مجالات القتال الأخرى؟ “حقّقنا تطوّرات تكنولوجية في نظم القيادة والسيطرة المحَوْسَبة، والتي هي من بين الأكثر تقدّمًا حول العالم. على سبيل المثال، فإنّه بإمكان جنديّ المدفعية أن ينظر إلى الهدف كما يراه طيّار مقاتل، وستكون القوّات على الأرض قادرة على تحديد الأهداف ووضعها على خارطة رقمية في الوقت الحقيقي. نحن نقوم بتطوير عقيدة قتالية مبنية على أساس الحاجة للعمل في عمق العدوّ. والتركيز هو على كيفية تحريك القوات إلى هناك، كيفية القتال في الأراضي الصغيرة، كيفية تدمير الأنفاق والسيطرة على الأهداف المحصّنة. ستدخل كتائب المشاة إلى البيوت لتدمير قاذفات الصواريخ”.