بعد قضية إعادة السفير الأردني في تل أبيب، وإرساله مرة أخرى لإسرائيل في الأسبوع الماضي، يتضح وجود مطبّ جديد في العلاقة المتوتّرة مسبقا بين إسرائيل والأردن في هذه الأيام. قرّر ملك الأردن عبد الله إلغاء الاحتفالات المزمعة لإحياء ذكرى 20 عاما على الاتفاق بين البلدين، والتي كان من المفترض انعقادها اليوم (الأحد).
وفقا للتقرير، فقد ألغى الملك مشاركته في أعقاب الأوضاع المتوترة حول المسجد الأقصى ودعوة عدد من أعضاء الكنيست الإسرائيليين للسماح بصلاة اليهود قرب المسجد. وقد أجرى في الأيام الأخيرة الملك ورئيس الحكومة نتنياهو عددا من المحادثات الصعبة في الموضوع، ووفقا لبعض التقارير فقد التقى الاثنان في عمّان.
بالإضافة إلى ذلك تم إلغاء احتفال عرض مشروع إسرائيلي أردني مشترك في مجال العلوم، والذي كان من المفترض أن يحضره وزير الطاقة ووزير المياه الأردني. من الجانب الإسرائيلي كان من المفترض أن يشارك وزير التنمية الإقليمية، سيلفان شالوم.
وفي هذه الأثناء، نشرت صحيفة “القدس العربي” اليوم مقالا لبسام البدارين يحلّل فيه الوضع الاستراتيجي للأردن على ضوء محاربة التحالف لتنظيم الدولة الإسلامية، وعلى ضوء أحداث الأسابيع الأخيرة في القدس، وعنوانه “وضع الأردن الاستراتيجي المعقّد: “إسرائيل «حليف» ضد الإرهاب و«عدو» في المسجد الأقصى”.
وبحسب البدارين، فالذي يجري بين إسرائيل والأردن في كل ما يتعلق بالأقصى هو عملية دوران يطرح فيها المتطرفون الإسرائيليون اقتراحات استفزازية لضمّ الحرم القدسي الشريف، ويأتي بعدها الاستيضاح الأردني بخصوص هذه القضية، وبعد ذلك يأتي دوما نفي الحكومة الإسرائيلية التي تؤكد أنّها لا تنوي تغيير الوضع الراهن في القدس. بحسب كلامه، ففي عام 2012 حدثت على الأقل خمس جولات من الاستيضاحات من هذا النوع، لم تحظ بالتغطية الإعلامية الواسعة.
ولكن في الأسابيع الأخيرة لم تبق إمكانية لحلّ التوتر بين إسرائيل والأردن في جولات دبلوماسية هادئة وسرية، وتحوّل التوتر كله إلى علنيّ ومحسوس. استخدمت المعارضة الأردنية، بقيادة الإخوان المسلمين، هذا التوتر حول المسجد الأقصى من أجل إلهاب الشارع ضدّ النظام الأردني، ولذلك فلا تستطيع المملكة الاكتفاء بالقنوات الدبلوماسية السرية.
ولكن في هذه الأوقات، تجبر محاربة داعش وسائر التنظيمات المتطرفة في العراق وسوريا التي تقع على حدود الأردن، المملكة بالبقاء في نفس الجانب من الجدار مع إسرائيل. إنّ الخوف من سيطرة المتطرفين، والذي حلّق دوما فوق العائلة الهاشمية المالكة، هو العامل الحاسم هنا، وفي هذه الأوقات يبدو أنّه أقوى من سلسلة الاستفزازات التي تشكّلت في القدس.
ويختم البدارين مقاله: “السؤال في نهاية هذا الاستخلاص هو: هل يجد صانع القرار الأردني وسيلة تعفيه من أجواء الصدام الشامل مع إسرائيل دون أن يسمح لها بتغيير الواقع في المسجد الأقصى بمعنى تهديد أو التهديد بإلغاء الرعاية الأردنية؟”.
من جانب إسرائيل، فإنّ الجهات الرسمية مستمرّة على الإصرار بأنّه ليست هناك أية نية لتغيير الوضع الراهن لمجمّع الأقصى، ويتم إرسال رسائل من هذا النوع للأردن بشكل يومي تقريبًا. والسؤال من جانب إسرائيل مماثل جدّا للسؤال الذي طرحه البدارين: ما هو المتنفس المتبقي لدى المملكة الأردنية، وماذا سيحدث لو انتهى هذا المتنفّس لا قدّر الله؟.