تطرق علماء الدين ومؤمنو الديانات التوحيدية إلى موضوع خلاص العالم والمسيح مُخلص البشر. بدءا من السؤال ماذا سيحصل بعد مجيء المخلص، متى سيأتي وما هي هويّته، وصولا إلى كيف يبدو وما هي مميّزاته. هناك في كل ديانة تفسيرات مختلفة حول ما كُتب في الكتب المقدسة. جمعنا لكم بعض العقائد الدينية الأكثر شيوعا في الديانات الثلاث حول المسيح.
المسيح في اليهودية
إحدى العقائد المركزية في اليهودية هي أنه سيظهر في المستقبل حاكم ليحكم العالم وهو المسيح. ورد ذكر المسيح قليلا في التوراة فقط، ولكنه ذُكر كثيرا في التلمود. جاء في التلمود أن مجيء المسيح لا يشكل أملا في مستقبل أفضل للشعب اليهودي فحسب، بل نظرة شاملة إلى العالم، تشير إلى أن العالم يسير نحو عالم أفضل يسود فيه السلام.
وجاء في التوراة أن المسيح قد يكون من نسل داود الملك. وردت محاولات حول موعد مجيء المسيح المنتظر في اليهودية على مر التاريخ، وهناك عدد من المصادر اليهودية التي تدعي أن موعد مجيئه هو التاسع من آب العبري في الساعات الخمس الأخيرة من اليوم.
هناك عقيدة ظهرت مرة واحدة في التلمود وفي مصادر أخرى في وقت لاحق، تدعي أن قبل مجيء المسيح المنتظر من نسل الملك داود، ستأتي فترة ما قبل خلاص العالم، يظهر فيها مسيح آخر يدعى “المسيح بن يوسف” الذي قد يُقتل. وادعى أحد قادة الجالية اليهودية في القرن الثامن عشر، فيلنا غاوون، أن “المسيح بن يوسف” قد يكون امرأة.
المسيح في المسيحية
تتميز المسيحية بصفتها تؤمن أن المسيح قد جاء إلى العالم من أجل خَلاصه. يرتكز هذا الإيمان بشكل أساسي على أن المسيح قد جاء مرة واحدة وينتظر المسيحيون مجيئه ثانية في المستقبل.
لم تعترف اليهودية بيسوع ولم تذكره في عقائدها، ولكن الديانة الإسلامية تؤمن أنه أحد أنبيائها. تشهد كل المصادر المعروفة في يومنا هذا أن يسوع قد صُلِب ومات في القدس بأمر من الحاكم الروماني بيلاطس البنطي. ويقول الإنجليون المسيحيون إنه ساد ظلام لثلاث ساعات أثناء الظهر قبل وفاته. ويقولون أيضا إن بضع نساء كن قد وصلن مع المسيح من الجليل إلى القدس، قد زرن قبره بعد موته صلبا، فاكتشفن أن القبر كان خاليا من جثمانه ومفتوحا. فظهر لهن ملاك وأخبرهن بقيامة المسيح من بين الأموات.
وفق العهد الجديد، فقد وعد المسيح بمجيئه ثانية، لذلك ينتظر المسيحيون المؤمنون مجيئه ثانية. يؤمن معظم المسيحيين بمجيء المسيح ثانية بجسم روحاني في نهاية العالم ليدين الأحياء والأموات في يوم الدينونة حيث سيعيش الأبرار إلى الأبد. يعتقد المسيحيون أن هكذا تتحقق نبوة الخلاص وفق التوراة أيضا.
المسيح في الإسلام
هناك دور شبيه للمهدي والمسيح اليهودي في خلاص العالم. ستسبق هذا الخلاص حرب غير مسبوقة ونقص التوازن الخطير في العالم.
لا تظهر معلومات عن المهدي في القرآن واضحا بل في الحديث النبوي الشريف فقط. هناك نحو 400 حديث سني تتطرق إلى المهدي ونحو 6.000 حديث نبوي شعيي. يعتقد المؤمنون السنة، أن المهدي لم يولد بعد، ولكنه سيُولد في المستقبل من نسل النبي محمد. كذلك من المتوقع ظهوره حين يكون عمره 40 عاما.
رغم ذلك، فيؤمن الشيعة بتقاليد خاصة، تشير إلى أن المهدي هو الإمام الثاني عشر، الذي وُلد قبل 1.300 سنة وما زال يعيش بعيدا عن البشر. وفق العقيدة السنية، وُلد المهدي في الخامس عشر من شعبان، سنة 255 للهجرة (29 حزيران 870)، في مدينة سامراء (العراق) وهو ابن الإمام الحادي عشر للشيعة، الحسن العسكري.
وفق العقيدة السنية سيموت المهدي بعد مرور سبع سنوات من حدوث الثورة التي ستحدث بعد مجيئه. فيما يتعلق بمصير اليهود والمسيحيين مع ظهور المهدي، إضافة إلى الادعاءات أن أبناء هاتين الديانتين سيضطروا إلى دفع الجزية أو اعتناق الاسلام، هناك عقيدة الإمام جعفر الصادق، التي تعتقد أن المهدي سيحكم اليهود وفق قوانين التوراة، والمسيحيين وفق قوانين العهد الجديد.
ولكن تتفق الغالبية في يومنا هذا، أن الوضع الحاليّ بات بعيدا عن أن يكون مثاليا. في المقابل، هناك من يدعي أن الوضع سيء إلى درجة أن الخلاص بات قاب قوسين أو أدنى، متجاهلين التعقيدات والجوانب الجميلة في عالمنا. إن محاولات التنبؤ بموعد مجيء المسيح المنتظر والخلافات حول مميّزاته الدقيقة، لن تكون ذات أهمية في نهاية العالم. من جهة أخرى، لا يشكل المسيح موضوعا خياليا نحو حياة مثالية فحسب، بل نموذجا يوضح كيف يجب على قائد البشرية التصرف – أن يتبع حياة عادلة ومتساوية لكل البشر، دون التمييز بينهم، متجاهلا مصالحه الشخصية.