فيما العيون متجهة إلى واشنطن هذه الليلة، حيث ستبدأ محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، يجري ترقّب ليلة طويلة في القدس، إذ حانت اللحظة الحاسمة للمصادقة النهائية على موازنة الدولة لسنتَي 2013 و 2014.
بشكل عام، الموازنة عبارة عن امتحان قيادي سياسي هام جدا لكل قائد، بمن فيهم نتنياهو. لكن هذه المرة، هي لحظة حاسمة لوزير المالية الجديد وعديم التجربة، النجم السياسي، يائير لبيد.
وأثار اقتراح الموازنة الذي صودق عليه بالقراءة الأولى في الكنيست في حزيران، سخط عناصر عديدة في الوسط السياسي، وكذلك بين الجماهير، إثر برنامج الاقتطاعات الذي يقترحه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ووزير المالية، يائير لبيد.
وادعى الرجلان أنّ التقليصات الاقتصادية تهدف إلى تقليص العجز الناشئ في موازنة الدولة – الذي يُقدَّر بـ 40 مليار شاقل. لكن بعد نقل اقتراح القانون لمناقشته في لجنة المال، قبيل طرحه للتصويت عليه بالقراءتَين الثانية والثالثة اليوم، تم تلطيف بعض التقليصات.
هذه السنة أيضًا، ليست النقاشات حول موازنة الدولة “مخيّبة للآمال”، وستؤدي إلى نقاش وجداني وعاصف في الكنيست، سيمتد كما يبدو إلى ساعات الفجر. بعد عدد من الخطباء، أخليت أخيرًا حلبة المصارعة لاثنَين – وزير المالية يائير لبيد وزعيمة المعارضة شيلي يحيموفيتش.
تحدثت زعيمة المعارضة أولا لعدة دقائق مهاجمةً لبيد، ومتهمة إياه بالقيام بحملة دعائية لنتنياهو. وقررت يحيموفيتش أنّ تنتهج خطًّا هجوميا ضدّ أعضاء الحكومة والائتلاف، رغم أنّ احتمالات إسقاط الموازنة تكاد تكون معدومة. مع ذلك، توضح يحيموفيتش أنها لا تنوي التساهل مع لبيد أو نتنياهو، قائلة: “نتنياهو كان بحاجة إلى مَن يقدمه دعائيا بشكل جيد، شخص أكثر شبابًا، مرتبط بالاحتجاج الاجتماعي. شخص لديه تجربة، إذ قام بإجراء دعاية لبنك “هبوعليم”. نتنياهو عين لبيد واجهة إعلامية له، وماذا فعل الأخير؟ ينسى التظاهرات، ينسى أنه تحدث عن سياسة جديدة، ينسى أنه أقسم بالحفاظ على الطبقة الوسطى – ويبذل نفسه بإخلاص للقيام بوظيفة الواجهة الإعلامية”، هاجمت يحيموفيتش لبيد بشدة.
احتدم النقاش على منصة الكنيست، ولم يلزم وزير المالية لبيد الصمت، بل رد على يحيموفيتش. “ليست هناك موازنة تعطي وتعطي فقط”، قال لبيد. “إعطاء الأولاد وإعطاء المسنين، خفض ضريبة القيمة المضافة، إلغاء الضريبة، طائرة لكل عائلة، مدرسة خاصة لكل تلميذ… والآن، بعد انتهاء المناقشة في العالم الخيالي، أقترح العودة إلى أرض الواقع بمشاكل وأشخاص حقيقيين”.
خلال ذلك، تفجر أمس بشكل صاخب التصريح المسكين للمدير العام الجديد لوزارة الرفاه، يوسي سيلمان، الذي عيّنه لبيد، حينما قال: “صحيح أنّ في إسرائيل أولادًا جياعًا – لكن ليس هناك أشخاص ببطون منتفخة من الجوع”، وذلك إثر الاقتطاع الحادّ المتوقع في مخصصات الأولاد، والتقارير التي انتشرت في الشهور الأخيرة، والتي تشهد على ارتفاع في عدد الأولاد الذين يعيشون تحت خط الفقر في إسرائيل.
وقد صُدم المعارضون لسماع هذه الأقوال، وقرروا اتخاذ خطوة استثنائية للبدء بمعركة منسقة على موازنة الدولة. فبإجراء منسق مسبقًا، تقرّر تعطيل النقاش حول الموازنة الذي يجري في هذه الساعات في الهيئة العامة، وتهديد قدرة الحكومة على تمرير الموازنة كما هو مخطّط.
وسيجري تنفيذ الإجراء عبر طلب تسلسلي من المعارضة بإجراء تصويت بالأسماء على آلاف التحفظات المقدمة حول الموازنة. ويستمر كل تصويت بالأسماء نحو ربع ساعة. وسيجبر هذا الإجراء أعضاء الكنيست على مناقشة أربعة تحفظات فقط كل ساعة. وبما أنّ المعارضة قدّمت 4700 تحفظ، فإن النقاش قد يستمرّ إلى ما بعد الموعد المحدّد في القانون لتمرير الموازنة، أي منتصف ليلة غد. وفي إعلان مشترك للإعلام، ادعوا: “نتنياهو ولبيد مصممان على تحطيم المجتمع الإسرائيلي لفائدة مصالح أصحاب رؤوس الأموال وذوي النفوذ. ليبرمان مصمّم على سرقة طريقة الحكم بصورة خاطفة لصالح مصالحه السياسية الضيقة. ومقابل هذه المحاولات سنقف نحن، أعضاء المعارضة، اليوم، مدافعين عن مواطني إسرائيل. لا يمكن لموازنة التقليصات أن تمرّ. طلبنا بسيط – على كل بند ذي أهمية في الموازنة، سنطلب إجراء تصويت بالأسماء. كل عضو كنيست مستعد أن يشارك في تحطيم المجتمع الإسرائيلي سيكون عليه إعلان ذلك جهرًا، وبشكل شخصي. هكذا سيعلم الإسرائيليون من صوّت لصالحهم ومَن صوّت ضدهم”.
ليلة طويلة تنتظر أعضاء الكنيست الذين سيُضطرون إلى مناقشة البنود والبنود الفرعية المختلفة في الموازنة المثيرة للجدل. ولذلك، استعد المساعدون البرلمانيون، وجهزوا “حقائب للنوم” وجداول زمنية وتقسيمًا إلى ورديات. خلال الليلة كلها، يُتوقع أن يناقش أعضاء الكنيست ويصوّتوا على قانون الموازنة لعامَي 2013 و 2014 ويصادقوا عليه. وبذلك ينتهي الفصل الأخير والإعلامي هذا، الذي سيشعر في نهايته كل إسرائيلي بالتقليصات الجديدة الكامنة، التي يُفترض أن تدخل حيز التنفيذ بداية شهر آب – يوم الخميس القادم.