مجلة “لوبوان” الفرنسية تجري حوارا مع البروفيسور الإسرائيلي في التاريخ، يوفال نوح هراري، تحت عنوان “المفكر الأهم في العالم”.. اقرأوا مقالة كنا نشرناها عن كتابه الأشهر:
https://www.facebook.com/lepoint.fr/photos/a.389816860702/10155646142435703/?type=3&theater
هناك اتفاق في عالم الثقافة الإسرائيلي أنّ كتاب “موجز تاريخ الجنس البشري” للبروفيسور يوفال نوح هراري هو إنجاز غير مسبوق. حتى الأشخاص غير المهتمّين بالتاريخ (وبالطبع أيضًا أولئك المهتمين) قد انبهروا بهذا الكتاب المتدفق والمثير للإعجاب والذي يعلّمنا كيف نشأت البشرية، ومتى بدأ التاريخ، وكيف أصبح الإنسان الكائن الحيّ المسيطر على الكرة الأرضية.
تتحدث الأرقام عن نفسها: الكتاب هو الرائد في جداول الكتب متعدّدة الرسائل في جميع متاجر الكتب في إسرائيل. في بعض الشبكات يقع الكتاب في أعلى القائمة منذ 196 أسبوعًا، أي أكثر من ثلاث سنوات ونصف فعليّا. في الواقع، يلخّص الكتاب تاريخ الجنس البشري، منذ تطوّر قدرة الإنسان على الكلام، قبل 70 ألف عام، وحتى اليوم. ويعرض مؤلّف الكتاب أيضًا جوهره:
“قبل مائة ألف عام عاشت على سطح الأرض، على الأقل، ستّة أنواع مختلفة من البشر. لم يكن لأي منها أية أهمية خاصة. لم يكن دورهم في الطبيعة أكبر من الغوريلات، اليراعات أو حصان البحر.
قبل نحو سبعين ألف عام حدث تغيير ما غامض في وعي واحد من هذه الأنواع البشرية – الإنسان العاقل – ودفعه إلى السيطرة على العالم كله. كان تاريخ الإنسان العاقل منذ ذلك الحين صادمًا في بعض الأحيان، مضحكًا في بعضها، ورائعًا دائمًا. ماذا حدث بالضبط للإنسان العاقل قبل سبعين ألف عام ممّا دفعه للسيطرة على العالم؟ كيف ولماذا اختفت بقية الأجناس البشرية؟
متى تحوّل الكلب إلى أفضل صديق للإنسان؟ متى تم اختراع النقود والآلهة الكبيرة، ولماذا؟ لماذا اعتقد معظم المجتمعات البشرية في التاريخ تقريبًا أنّ النساء أقلّ شأنًا من الرجال؟
هل يمكن إقامة مجتمع بشري دون تمييز ودون آراء مسبقة؟ هل يمكن السيطرة على نحو فعّال ومع مرور الوقت على الشعوب المحتلّة؟
كيف احتلّ العلم، الرأسمالية وأوروبا العالم؟ هل هناك اتجاه للتاريخ؟ هل هناك عدالة في التاريخ؟ هل أصبح البشر أكثر سعادة على مرّ التاريخ؟ وما هو احتمال أن يكون هناك بشر على الكرة الأرضية بعد مائة عام؟”.
يحاول هذا الكتاب الرائع بل وينجح في إعطاء إجابات، أو إجابات محتملة، لهذه الأسئلة العميقة، بشكل سطحي ومتدفّق، ومع ذلك بشكل عميق ومثير للتفكير ممّا لا مثيل له.
لا يخلو الكتاب من الاستفزاز. فعلى سبيل المثال، يُعرَض الدين فيه كبعيد عن الحقيقة، ويُعرض الله كشيء اخترعه الإنسان. وفي الكتاب هناك انتقاد شديد جدّا للإنسان، لكونه منذ أنواعه الأولى قد كان الأكثر فتكا وضررا على بقية الحيوانات التي حوله، وعلى البشر الآخرين.
اقترح مسؤولو متحف إسرائيل في القدس، والذين قرأوا الكتاب وأعجِبوا به جدّا، على الكاتبِ، اقتراحًا لا يمكن رفضه: مواءمة الكتاب ليصبح معرضًا في المتحف. استخدم المتحف الكنوز الأثرية الهائلة التي فيه، بالإضافة إلى مقتنياته الفنّية المشرّفة، من أجل تقديم رسالة الكتاب.
فعلى سبيل المثال يعرض المعرض بقايا لموقد نار قديم أقامه البشر القدماء قبل 800,000 عام، كدليل على المرحلة الأولى التي نجح فيها البشر في تسخير النار لمنفعتهم. وعُرض بجانبه عمل فنّي يُظهر لهب الغاز، والقوة التدميرية للنار والتي واجه بها البشر بعضهم البعض.
تتطرّق بقية أقسام المعرض إلى مفهوم الأسرة، الأديان والأساطير، الثورة الزراعية، الاستقرار في المدن، المال والقانون، الثورة الصناعية، العولمة والمستقبل. في كل مرحلة، يستحضر المعروض الأثري الواقع المادي، بينما تحاول الأعمال الفنّية تناول الظاهرة ودلالاتها، وتفسيرها بشكل معاصر. من بين أمور أخرى، عُرضت عظمة لسان عمرها 70 ألف عام تم اكتشافها في أحد الكهوف في إسرائيل، والعملة الأولى من القرن السادس قبل الميلاد والتي اكتُشفت في آسيا الصغرى، ومخطوطات لألبرت أينشتاين وغيرها.
وينتهي المعرض، كالكتاب، بالنظر إلى المستقبل: الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي نجح في الخروج من حدود الكرة الأرضية والهبوط إلى القمر. هل يقع مستقبل الإنسان خارج الكرة الأرضية؟ هل نهاية البشرية قريبة، وسيتحوّل الإنسان في السنوات القادمة إلى كائن آخر؟