أعطى الإعلان المفاجئ للنائب حنين زعبي (التجمع الوطني الديمقراطي) أنّها تفكّر في الترشّح لرئاسة بلدية الناصرة بعض الأمل لسياسيّات كثيرات في المجتمَع العربي، اللاتي لم يحظَين لسنوات طويلة برؤية زعيمة تقود مدينة كبرى كالناصرة.
ويبدو أنّ حنين زعبي ليست وحيدة في الميدان. فحتى هذه اللحظة، يبدو أنّ 22 سيّدة عربية (بينهنّ درزية واحدة) يترشحنَ في أماكن معقولة لدخول المجالس المحلية والبلديات، التي يُفترض أن تجري في 22 تشرين الأول 2013.
لكن رغم هذه المعطيات التي تبدو مشرقة، فمنذ إقامة الدولة عام 1948، وصلت ثلاث نساء عربيات فقط إلى الكنيست، وهنّ: حسنيّة جبارة (ميرتس) التي انتُخبت للكنيست الـ 15، نادية حلو (العمل) التي انتُخبت للكنيست الـ 17، وحنين زعبي (التجمع) التي انتُخبت للكنيست الـ 18 والـ 19.
وعلى المستوى المحلي، فإنّ المعطيات أسوأ: فمنذ تأسيس الدولة، شغلت امرأة عربية واحدة منصب رئاسة مجلس محلي. فالرائدة كانت فيوليت خوري من كفرياسيف، التي كانت عضوًا في المجلس المحلي لمدة تسع سنوات، وانتُخبت لرئاسته عام 1974. وإذا قررت النائب حنين زعبي الترشح، فستسعى إلى تكرار إنجاز خوري وإلى تسجيل سابقة: أن تكون أول سيدة عربية تترأس المجلس البلدي لمدينة.
لكن رغم التجربة المثبَتة لنساء عربيّات كثيرات يقرّرن الترشح لمواقع مسؤولية كرئيسات للمجالس أو حتى يُخترنَ للترشح ضمن قائمة موجودة والعمل كعضوات مجلس، فإنهن يواجهن غالبًا عوائق اجتماعيّة. فكثيرات منهنّ يؤكدن على أنّ فكرة ترشح امرأة على رأس القائمة أو كجزء من قائمة يثير اعتراضًا شديدًا داخل المجتمع العربي. فلا يزال ممكنًا في المجتمَع العربي تمييز أنماط سياسية قديمة قائمة على الولاء العائلي. ويتصدّر هذه الولاءات بشكل عامّ رجال، وهم الذين يحدّدون الإيقاع، ويمارسون ضغوطًا اجتماعية، واقتصادية أحيانًا على المرشّحات أو على عائلاتهنّ للتنازل عن ترشّحهنّ.
سعاد شحادة (64 عامًا)، أم لخمس بنات في المكان الثاني في لائحة ميرتس لبلدية حيفا، لديها سجلّ مثير للإعجاب. فهي مديرة المركز الاجتماعي المتعدد المجالات في حيّ وادي النسناس، ناشطة في مجال تعزيز مكانة المرأة ودعم التربية في إسرائيل، مرشدة لقاءات نساء من كل العالم بالاشتراك مع وزارة الخارجية، ومن مؤسسات لوبي النساء الحيفاويات العربيات. وفي مقابلة مع صحيفة غربيّة قالت شحادة: “من المُثبَت أننا مديرات أفضل. أنا أيضًا أرفع القبعة لحنين زعبي. فهي ستستطيع حتمًا إدارة بلدية الناصرة أفضل من الرجال”.
في المجتمَع الإسرائيلي بشكل عامّ ثمة ظاهرة إقصاء للنساء، وهي أقوى أيضًا في المجتمَع العربي والمجتمع الحاريدي. فالمرأة يُنظَر إليها دائمًا باعتبارها أضعف وتحتلّ دائمًا المكان الثاني خلف الرجل.
ووفقًا لمعطيات نشرها تحالف المنظمات النسائية في إسرائيل، فإنّ رقم 22 امرأة عربيّة مرشحة في أماكن واقعيّة للمجالس والبلديّات يشير إلى نزعة هبوط في نسبة الترشح للنساء في الوسط العربي. فللمقارنة، ترشحت 249 امرأة عام 2003، وانتُخبت اثنتان فقط. وعام 2008، ترشحت 149 سيّدة، وانتُخبت ستّ منهن فقط.
أمّا السبب الآخر الذي يُضعف حظوظ النساء بترؤس بلدية أو مجلس محلي فهو اقتصاديّ. فالحملة الانتخابية تكلّف المال، وللنساء العربيات اللواتي بعضهنّ لا يعمل والأخريات تعملنَ كأجيرات لا مالَ وتمويلَ لإدارة حملات ضخمة، وغالبًا ما تدخلنَ السياسة كمتطوّعات.
وتدّعي عضو الكنيست السابقة نادية حلو، التي مثّلت حزب العمل في الكنيست الـ 17، في لقاء مع صحيفة غربيّة: “إنّ الحيّز العام لا يزال مغلقًا أما النساء رغم أنهن تميزنَ على مر السنين في الثقافة والمقدرات الإدارية والقيادة. وتضيف حلو أنه ربما على الحكومة والكنيست، من أجل إحداث تغيير، أن تخصّص في القانون مقاعد في القوائم للنساء فقط”.
وتؤدي المكانة البائسة للنساء العربيات في السياسة المحليّة إلى تحويلهن مع بنات جنسهنّ الحاريديات إلى المجموعتَين الأضعف بين الجمهور العام للنساء في إسرائيل.
عام 1948، أسست نساء عربيّات في إسرائيل حركة النهضة النسائية، التي أدت عام 1973 إلى تأسيس حركة أوسع، ضمّت نساءً يهوديات أيضًا، وهي تندي – “حركة النساء الديمقراطيات في إسرائيل”. وعملت “تندي” منذ تأسيسها من أجل السلام في الشرق الأوسط والعالم، التعايش بين إسرائيل والفلسطينيين، والمساواة في الحقوق للنساء في شتى مجالات الحياة: في المجتمَع، السياسة، والعمل. وكانت غالبية الطلاب الجامعيين الذين شاركوا في نضال الطلاب الجامعيين العرب عام 2000 إناثًا.
حتى الكنيست الـ 18 لم تمثّل أية سيدة عربية أي حزب عربي في الكنيست، حتى انتخاب حنين زعبي ممثلة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي. وتُسجَّل سابقة إدخال سيدة عربية إلى الكنيست، حسنيّة جبارة، لصالح حزب ميرتس. ويعود انتخاب جبارة لموقع واقعي في قائمة ميرتس للكنيست إلى حدّ كبير إلى طريقة تخصيص المقاعد التي اتُّبعت في ميرتس في تلك الفترة. فقد ألزمت تلك الطريقة وضع مرشّح عربي في مكان شبه مضمون، وتعزيز ترشّح النّساء.
إنّ مكانة النساء في السياسية القطرية والمحلية ذات أهمية لقيام مجتمع متوازن، لكنّ مستقبل النساء العربيات في السياسة لا يبدو مُشرقًا لا سيّما على ضوء المعطيات. ويمكن أن يكون تشريعٌ منظم مطلوبًا لضمان مكان للنساء في قيادة المجتمع.