أحيانًا يُخيّل إلينا أن القدس ليست مدينة حقيقية، بل مُجرد رمز. إن كنت يهوديًا، تتأثر عند رؤية صور حائط المبكى والكُنس. وإن كنت مُسلمًا، لا شك أن في قلبك مشاعر جياشة تجاه المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف. وإن كنت مسيحيًا، فلا شك أنك لن تنسى ذلك الدرب من دروب المدينة الذي بات درب آلام السيد يسوع المسيح.
ولكن، بالنسبة لمُعظم المقدسيين، القدس ليست مُجرد مكان مُقدس بل مدينة يقيمون فيها، مكان يدعونه “البيت”. سنُقدم لكم سبعة صور لمدينة القدس البسيطة اليومية، القدس بعيدًا عن قداستها، قدس ساكنيها وليس قدس المؤمنين بها.
سوق القطانين
بقي سوق القطانين، الواصل بين شارع الواد في المدينة القديمة، وبين الحرم الشريف، دون تغيير تقريبًا منذ أكثر من 700 عام. رأى هذا السوق القدس وهي تُبدل الحُكام على مدى سنين: المماليك، الأتراك، البريطانيين، الأردنيين والإسرائيليين. كان تجار هذا السوق، وفقًا لاسم السوق، يصنعون ويبيعون سلعًا مصدرها من القطن والقماش.
تراوحت حال السوق، طوال هذه السنين، بين فترات ذروة، وبين فترات إهمال وتم ترميمه من قبل الأتراك عام 1889، ومن قبل البريطانيين عام 1919. تم إهماله تقريبًا خلال سنوات الثورة العربية بين عاميّ 1936 – 1939، وتم ترميمه فقط قبل 20 عامًا بمبادرة من قبل طلاب ومتطوعين من جامعة القدس.
عين لافان
تجذب بركة الماء الطبيعية، الموجودة غربي المدينة، إليها الكثير من المُستجمين في أيام الصيف الحارة، كون القدس ليست قريبة من البحر. كانت تخدم عين الماء سكان قرية “ولجة”، التي كانت على هذه الضفة من وادي رفائيم حتى حرب عام 1948، إلى أن تم نقل القرية إلى الجانب الأردني من الحدود، بعد الحرب. تم نقلها إلى الضفة الثانية من قبل الأردنيين. يُسمى النبع بهذا الاسم تيمنًا بالجبل الذي ينبع منه، ويُدعى جبل لافان (معنى لافان بالعربية هو الأبيض).
نصب كندي
قرر الصندوق القومي اليهودي، عام 1966، إقامة نصبٍ تذكاري للرئيس الأمريكي صديق إسرائيل، الذي اغتيل قبل ست سنوات من ذلك. تم تصميم نصب كندي كشجرة تم قطعها، وفقط جذوره ما زالت ضاربة بالأرض. يُطل ذلك النصب التذكاري، الذي أُقيم فوق جبل عال، على مدينة القدس، وعلى القرى المُجاورة: البلدات الإسرائيلية “مفسيرت تسيون” و “موتسا”، والقرية الفلسطينية بتير. يأتي إلى المكان، ليلاً، عاشقون شباب، من العرب واليهود، للاستمتاع بالليل الهادئ.
محانيه يهودا
السوق المركزي في القدس وقلبها النابض. هناك في السوق منصات لبيع الخضار والفواكه الطازجة، متاجر لحوم، مخابز، متاجر توابل، حلويات، ورود، ومطاعم. أصبح السوق، في السنوات الأخيرة، يعج بأماكن الترفيه المُحببة على طُلاب الجامعات في القدس أيضا.
بدأ السوق بالتطور في الفترة العثمانية كمكان للقاء التجار العرب، من القرى القريبة، وبين سكان الأحياء اليهودية. كان موقعه مُناسبًا جدًا لهذه الغاية، تمامًا على الطريق الواصلة بين يافا ومدينة القدس العتيقة. وبدأ تجار يهود، شيئًا فشيئًا، يشترون متاجر في السوق، وصار السوق أكبر شيئا فشيئا.
عُرف هذ المكان، على مدى السنين، أنه مكان يصل إليه السياسيون الإسرائيليون لكسب دعم الجمهور، وأيضًا، على إثر أحداث تراجيدية، كالتفجيرات الإرهابية التي أودت بحياة الكثيرين في ذلك المكان.
حديقة الجرس
تقع الحديقة بين غرب مدينة القدس وشرقها وتمت إقامتها عام 1976، وتحوّلت مع السنين إلى نقطة التقاء بين السكان العرب واليهود في المدينة. تجذب النافورة، القريبة من الحديقة، الأطفال العرب واليهود؛ في فصل الصيف، الذين يطمحون لتخفيف حر الصيف عنهم.
شارع صلاح الدين
يُعتبر شارع صلاح الدين، في شرقي القدس، مثل شارع يافا وسوق محانيه يهودا في غربي القدس. هذا هو القلب التجاري النابض لشرقي المدينة ويعج بالمطاعم والمصالح التجارية. كان إبان الانتداب البريطاني خاليًا، بينما أدى تقسيم المدينة؛ عام 1948، إلى بعث حياة جديدة فيه، وهو يمتاز بمكانة خاصة حتى اليوم.
وادي الغزلان
راح هذا الوادي، الذي كان موطنًا لمئات الغزلان الذين كانوا يعيشون بحرية، ضحية المخططات المعمارية المُكثفة في تلك المنطقة التي أدت إلى خنق المناطق الطبيعية فيها. ناضل سكان القدس كثيرًا وتمكنوا من الحفاظ على قطعة الأرض الخضراء هذه، بين الأحياء الجديدة في المدينة. تم إفشال مُخططات بناء حي جديد في المنطقة، وأقرت محكمة القدس أن موقف المواطنين أكثر إقناعًا من موقف المقاولين. هناك في المنطقة اليوم بركة ماء صناعية ومسار مشي وقطيع غزلان محمي.