يمكث نحو أربعين فلسطينيًّا في سجون السلطة، بعد أن تقرّر بأنّهم كانوا مشاركين في القتال في سوريا ضدّ قوات الرئيس بشار الأسد. وقالت مصادر رفيعة لموقع الأخبار الإسرائيلي “والاه” بأنّهم اعتقلوا فورًا لدى عودتهم إلى الأراضي الفلسطينية.
وكشفت التحقيقات مع السجناء بأنّهم شاركوا في صفوف تنظيمات إسلامية متطرّفة تعمل في إطار الحرب الأهلية المستعرة في البلاد. ومن بين هذه التنظيمات “جبهة النصرة”، و”الدولة الإسلامية في العراق والشام”، المؤيدتان لإيديولوجيا القاعدة.
ووفقا للمصادر، فقد اعتقلت أجهزة السلطة الفلسطينية في الآونة الأخيرة نحو ثلاثين شخصًا آخر، يشتبه بأنّهم أعضاء في شبكة “السلفية الجهادية” في الضفة الغربية. وقالت هذه المصادر الرفيعة بأنّ السلطة الفلسطينية قد عقدت العزم على العمل ضدّ هذه الظاهرة، والتي يمكن أن تؤدي إلى تفاهم نمط الهجمات والعنف في المنطقة.
ومن فترة لأخرى، تظهر تقارير تشير إلى أنّ الجيش السوري قد قصف وفجّر المخيّم الفلسطيني اليرموك، وفرّ العديد من سكّانه خوفًا على حياتهم. ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، فمن بين 160,000 لاجئ فلسطيني ممن عاشوا في المخيّم قبل نشوب أحداث العنف في سوريا، بقي هناك اليوم أقل من 20,000. وقد فرّ معظم اللاجئين، على ما يبدو، إلى مناطق أكثر أمنًا داخل سوريا حتى انتهاء العاصفة، وهناك آخرون خرجوا من حدود الدولة، بشكل أساسيّ إلى لبنان والأردن.
ومنذ الصيف الماضي، وبعد أن تحصّنت عناصر مسلّحة كثيرة في مخيّم اليرموك، سدّ النظام السوري الطرق الرئيسية المؤدّية إليه وتمّ فعليّا وضع المخيّم تحت الحصار. وقد ذُكر أن العشرات لاقوا حتفهم بسبب الجوع في الأشهر الأخيرة. الآن فقط، بعد ثمانية أشهر وبضغط عدّة جهات، يمكن أخيرًا إدخال الغذاء والدواء للمخيّم، وذلك وفقًا لاتفاق تعهّد بموجبه رجال المخيّم بتنظيفه من المسلّحين المتمرّدين على النظام. وقد وصف الفلسطينيون في الأراضي المحتلة ما يحدث في المخيّم على أنّه “نكبة جديدة”.
ومع ذلك، فمن بين الأنقاض يمكن رؤية بقعة من الضوء في المخيّم. بضعة شباب ثبّتوا آلة بيانو في المكان، بين أنقاض الأبنية المقصوفة، وهم حريصون في الأيام الأخيرة على العزف والغناء في تلك البيئة، وهو مشهد سوريالي من جميع الأوجه. وتتألف الفرقة، التي سمّيت “شباب مخيّم اليرموك للاجئين”، من تسعة أعضاء.
قال عازف البيانو الخاص بالفرقة، هيام أحمد (26 عامًا)، للراديو الإسرائيلي بأنّه يعزف على البيانو منذ عشرين عامًا وفي الواقع فإنّ البيانو الذي وُضع بين الحطام هو البيانو الخاص به. “أنا أعزف منذ عشرين عامًا. موتسارت، بيتهوفن، رحمانينوف. أدرس الموسيقى في جامعة في حمص”، وهو يتحدّث من سوريا بواسطة محادثة تمت من خلال الإنترنت في برنامج سكايب. وأضاف قائلا: “البيانو ثقيل، ويزن نحو 300 كيلوغرام. قمنا بحمله على عربة، وجميعنا – الأعضاء التسعة – قمنا بدفعه. ثبّتناه بين الحطام من أجل أن يعلموا بأنّنا في مخيّم اليرموك للاجئين”.
وما هي الرسالة التي يريد شباب اليرموك نقلها؟ قال هيام: “نحاول أن نغنّي شيئًا للعالم في الخارج. لأولئك الذين خرجوا من المخيّم ولم يعودوا. نحاول أن نتحدّث عن الجوع والحصار. وذلك كي يغطّي صوت البيانو، صوت الموسيقى، على أصوات الرصاص والحرب”.