احتلت المظاهرة التي أقامها سكان العفولة اليهود، في الأسبوع الماضي، احتجاجا على أنّ جميع الـ 43 الذين فازوا بمناقصة إقامة وحدات سكنية في المدينة هم من العرب، مكانا رئيسيا في عناوين الصحف في اليوم التالي. ومع ذلك، فالأخبار الحقيقية، وهي أخبار جيّدة، هي أن المواطنين العرب يريدون السكن في العفولة، المدينة اليهودية.
ويشكل هذا دليلا آخر على اندماج المواطنين العرب في النسيج الاجتماعي والاقتصادي في إسرائيل. فالعفولة هي مجرد نموذج أخير لهذا التوجه. هناك نحو 20% من سكان الناصرة العليا، والتي كان من المخطط أن تكون مدينة “يهودية”، هم من العرب الذين انتقلوا إليها من الناصرة والقرى المجاورة. يعيش العرب من أصحاب المهن الحرّة في تل أبيب، في أجزاء “يهودية” و “مختلطة” في القدس، وفي الكرمل في حيفا.
لا يعجب الشقّ الشمالي للحركة الإسلامية هذا الوضع، بالإضافة إلى اليهود الذين يتسمون بكراهية الآخرين، ولكن الشهادات التي تدلّ على أن مواطني إسرائيل العرب قد بدأوا يشعرون أنهم في منزلهم في الدولة هي بشرى خير.
وبعد 66 عاما من الحرب على الحياة والموت والتي أدارها اليهود والعرب هنا، يجد المواطنون العرب مكانهم في المجتمع الديمقراطي الإسرائيلي ويحسّنون مكانتهم الاقتصادية. فيستغل الأطباء، المحامون، مدقّقو الحسابات وكثيرون آخرون المؤسسات التربوية في إسرائيل والفرص التي بدأ اقتصادها الحرّ يقترحها عليهم. دون أن يقولوا ذلك بصوت عال – حيث إنّهم ينظرون إلى وضع العرب حولهم، في العراق وسوريا على سبيل المثال، وإلى الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة – يفهم الكثير منهم أنّه من حسن حظهم أنهم يعيشون في إسرائيل.
ومع ذلك، فلا يزال هناك مكان كبير للتحسّن، لأنّه بالإضافة إلى المساواة أمام القانون فعليهم أن يحظوا بالمساواة الكاملة في الفرص. فنحن نتقدّم في هذا الاتجاه، رغم أنّ الحكومة الإسرائيلية ما زالت لا تعطي الأولوية العليا لاندماج مواطني إسرائيل العرب في المجتمع والاقتصاد.
ويعلم الكثير من المواطنين العرب أنّه إلى جانب الحقوق، يجب أن تسود مساواة في الواجبات أيضا. فالمركّب الأهم في هذه الواجبات هو المشاركة في الدفاع عن الدولة. يتطوع المزيد والمزيد من الشبان المسيحيين للخدمة في الجيش. وتُعتبر الكتيبة البدوية، التي تتألف من متطوّعين، منذ سنوات وحدة ممتازة، ورغم معارضة أعضاء كنيست من القائمة العربية المشتركة، فإنّ عدد العرب الذين يتطوّعون للخدمة المدنية يزداد سنة تلو الأخرى. ليس بعيدا ذلك اليوم الذي يكون فيه جميع مواطني إسرائيل – اليهود الحاريديون والعلمانيون، الدروز والشركس، العرب المسيحيون والمسلمون – شركاء في الدفاع عن الدولة ضدّ أعدائها.
وما زال هناك المزيد ما يمكن فعله من أجل تحسين مكانة العرب، وبشكل أساسي هناك حاجة كبيرة إلى الاهتمام بالسكان البدو في النقب. ولكن سكان القدس الشرقية هم من يحتاج إلى المساعدات أكثر من غيرهم . وقد ضُمت أحياؤهم في حدود إسرائيل قبل 48 عاما ولكنها نُسيت منذ ذلك الحين. ولا عجب أنّ بعض سكانها كانوا مشاركين مؤخرا في محاولات قتل اليهود. رغم أنهم سكان إسرائيل ولديهم إمكانية الحصول على المواطنة الإسرائيلية، فتعاني أحياؤهم من الإهمال من الحكومة ومن البلدية على حد سواء.
إنّ موجة العنف الحالية في شوارع القدس هي بمثابة تحذير لكل من يرفض الاعتراف بآثار الإهمال لسنوات طويلة. والآن يجب توجيه الموارد من أجل الاستثمار في هذه الأحياء في إطار برنامج ينبغي أن يتمتع بدعم اقتصادي – من اليمين واليسار، كلٌّ لأسبابه الخاصة. ويجب على مثل هذا البرنامج أن يقلل من الشعور بالاغتراب بين سكان القدس العرب، كما تمثّل في الأحداث العنيفة الأخيرة. هذه مهمة يجدر بها أن تجتاز مخيمات اللاجئين.
نشر هذا المقال لأول مرة في صحيفة هآرتس