أثارت دعوات رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ليهود أوروبا إلى الهجرة إلى إسرائيل، موطن اليهود، ردود فعل واسعة من قبل قادة أوروبا الذين أكدوا أن مكان يهود أوروبا هو أوروبا. لكن الجالية اليهودية التي تعاني من الحوادث المعادية للسامية المتواصلة منقسمة على نفسها، هل تبقى في أوروبا أم تهاجر إلى إسرائيل؟
وفي الحاضر الجاليتان الرئيسيتان اللتان تواجهان هذه المعضلة هما الجالية اليهودية في فرنسا والجالية اليهودية في الدنمارك، خاصة بعد العمليات الإرهابية التي أسفرت إلى مقتل اليهود في البلدين. فبينما قرر يهود فرنسا تلبية دعوة نتنياهو وزيادة عدد المهاجرين إلى إسرائيل، ما زال يهود الدنمارك متمسكين بدولتهم ورافضين دعوات نتنياهو.
ويعيش في الدنمارك نحو 8000 يهودي معظمهم في كوبنهاغن وبأعداد أقل في مدينتي ارهوس واودينس، طبقا لمصادر الطائفة في الدنمارك.
وقال جيب جوهل المتحدث باسم الطائفة اليهودية في الدنمارك “نحن نشكر نتانياهو جدا على قلقه، ولكن مع ذلك فنحن دنماركيون — نحن يهود دنماركيون ولكننا دنماركيون — ولن يكون الإرهاب هو السبب الذي يجعلنا نذهب إلى إسرائيل”.
أما زعماء أوروبا فقد انتقدوا تصريحات نتنياهو ضمنيا مؤكدين أن أوروبا لن تبقى كما هي من دون اليهود. وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي أكد متوجها إلى هذه الطائفة الأكبر عددا في أوروبا مع 500 ألف أو 600 ألف شخص، أثناء زيارة لمنطقة قريبة من ميلان جنوب باريس أن اليهود “لهم مكانتهم في اوروبا وعلى الاخص في فرنسا”.
وقال هولاند “لن أقبل (…) بتصريحات تصدر في إسرائيل تبعث على الاعتقاد بأن اليهود لم يعد لهم مكانتهم في أوروبا وعلى الأخص في فرنسا”.
بدورها، دعت رئيسة وزراء الدنمارك هيلي تورنينغ شميت الطائفة اليهودية الى عدم تلبية طلب نتانياهو. وقالت في هذا السياق “لن نكون كما نحن من دون الطائفة اليهودية”.
واضافت ان “الطائفة اليهودية تعيش في الدنمارك منذ قرون عدة فهي في مكانها هنا كما انها جزء من هذا المجتمع”. كما أكدت المانيا أنها تريد بقاء اليهود على اراضيها ووعدت بضمان امنهم.
وقالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ان ألمانيا “مسرورة وممتنة” بوجود طائفة يهودية في البلاد، ردا على سؤال حول دعوة نتانياهو.
وصرحت للصحافيين ان الحكومة الالمانية ستبذل كل ما بوسعها لضمان امن المؤسسات اليهودية والمواطنين اليهود في المانيا.
وأضافت “نود أن نواصل العيش مع اليهود الذين يعيشون في ألمانيا اليوم”.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية في السياق نفسه “نود أن نفعل كل ما بوسعنا حتى يبقى اليهود هنا في ألمانيا وحتى يشعروا بالأمان”.
من جهته، أكد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس للطائفة اليهودية أن “فرنسا مجروحة مثلكم، وفرنسا لا ترغب برحيلكم”.
وأضاف أن فرنسا “تعرب لكم مرة أخرى عن محبتها ودعمها وتضامنها. إن هذه المحبة أقوى من أعمال الحقد المتكررة. واني آسف لتصريحات بنيامين نتانياهو. عندما نكون في حملة انتخابية، هذا لا يعني ان نسمح لأنفسنا بقول أي شيء. مكان يهود فرنسا هو فرنسا”.
وأضاف فالس “لم نتوصل الى أي فرضية حتى الان” بشأن عملية تدنيس مئات المقابر في المدفن اليهودي في سار- اونيون، بالإضافة الى النصب الذي أقيم تخليدا لذكرى ضحايا المحرقة.
وأكد جاك وولف وهو أحد أفراد آخر عائلتين يهوديتين لا تزالان في المنطقة، انه تم “تحطيم” حجارة المقابر “وكذلك الشواهد الرخامية”.
وهو الحادث الاكثر خطورة منذ تدنيس المدفن اليهودي في كاربنتاس (جنوب) في 1990 بيد حليقي الرؤوس.
ودعا فالس من جهة اخرى الإسلام في فرنسا إلى “الاضطلاع بمسؤولياته” حيال “الإسلام الفاشي”، وهو التعبير الذي استخدمه رئيس الحكومة للمرة الاولى.
وتعرض رئيس الوزراء لانتقاد وجهه اليه وزير الخارجية الاسبق الاشتراكي رولان دوما (92 عاما) الذي اعتبر ان مانويل فالس هو “على الارجح” تحت تاثير زوجته آن غرافوان اليهودية.
وندّدت الطبقة السياسية بتصريحات دوما، واعتبرها الحزب الاشتراكي الحاكم بانها “غير مقبولة”.
واعتبر وزير الخارجية النمسوي سيباستيان كورز الاثنين ان “اوروبا من دون اليهود لن تكون اوروبا” وقال في بيان “علينا ان نتخذ كل التدابير لضمان الأمن بحيث لا يجبر من يعتنقون الديانة اليهودية على الهجرة”.