لن يتفاجأ من يراقب أخبار المجتمَع الإسرائيلي من القصة التالية التي أصبحت في السنوات الماضية نقاشا جماهيريا يدور في أروقة المحاكم، الكنيست الإسرائيلي، وفي كل منصة إعلامية ممكنة.
ففي بداية الأسبوع الماضي، صادقت المحكمة في بئر السبع لوالدين فقدا ابنهما الجندي الذي توفي إثر مرض السرطان أثناء خدمته العسكرية، على استخدام حيواناته المنوية وولادة طفل من امرأة توافق على الحمل وولادة حفيد حتى بعد أن توفي ابنهما منذ عام 2008، أي قبل تسع سنوات.
وكان عمر الابن المتوفي 22 عاما، عندما شُخص أنه يعاني من ابيضاض الدم النقوي (اللوكيميا) ولهذا وقع في المستشفى على مستندات بأنه يسمح للمستشفى وأفراد عائلته بتجميد حيواناته المنوية والاحتفاظ بها في بنك الحيوانات المنوية.
وفي شهر تشرين الأول عام 2015، قدّم والداه شكوى إلى المحكمة ضد الدولة والمستشفى وطالبا السماح لهما باستخدام الحيوانات المنوية المجمّدة التابعة لابنهما. وفي شهر كانون الأول عام 2016، قدّمت الدولة معارضتها تلقائيا على طلبهما. وقدّم المستشفى رده مدعيا أنه يعمل بهذا الشأن وفق قرار المحكمة.
ولا يجري الحديث عن حالة أو حالتين. ففي السنوات الماضية، لا سيّما بعد حرب غزة في صيف 2014، هناك مزيد من العائلات التي تطالب المحكمة السماح لها باستخدام الحيوانات المنوية الخاصة بأبنائها المتوفين.
سحب الحيوانات المنوية بهدف استخدامها لاحقا
إن تكنولوجيا سحب الحيوانات المنوية وتجميدها خلال الحياة أو عندما يكون الذكور على وشك الموت متعبة في إسرائيل منذ سنوات، وهذا بهدف ولادة طفل بعد الموت، ولكن تثير هذه الحالة أسئلة أخلاقية كثيرة.
ففي التسعينيات، بدأ استخدام تجميد الحيوانات المنوية لدى الذكور مرضى السرطان، بعد أن عرفوا مسبقا أن العلاج الكيميائي قد يؤدي إلى ضرر في الحيوانات المنوية. عندما توفي جزء من مرضى السرطان، تطورت طريقة تتيح استخدام الحيوانات المنوية المتبقية، بهدف ولادة أطفال من المتوفي.
وفق الأنظمة الإدارية التابعة لوزارة الصحة الإسرائيلية، تتم إبادة الحيوانات المنوية التابعة للمتوفي إلا إذا طلبت زوجته الأرملة استخدامها في غضون سنة منذ وفاته. لم تتضمن هذه النظم الإدارية الطلب والرغبة في إنجاب أطفال لشخص توفي فجأة أو في ظروف أخرى غير الوفاة بسبب مرض السرطان.
وفي عام 2003، تطرقت تعليمات المستشار القضائي للحكومة وقرار المحكمة لشؤون العائلة بتوسع إلى إمكانية استخدام الزوجات الأرامل الحيوانات المنوية التابعة لأزواجهن بعد وفاتهم، حتى إذا لم يعرب الأزواج بشكل واضح وصريح عن رغبتهم في ذلك.
ولم تكفِ التعليمات الموسعة أيضا، وفي عام 2008 تعرضت المحكمة لشؤون العائلة إلى معضلة عندما نظرت في دعوى لوالدين لشاب توفي بسبب مرض السرطان وكانت لديه شريكة حياة ثابتة، طالبا فيها السماح لهما بإخصاب بويضة لامرأة من الحيوانات المنوية الخاصة بابنهما بعد موافقتها.
كما ذُكر آنفًا، عارضت الدولة طلب الوالدين مدعية أن هذه الخطوة تعارض مصلحة المولود الذي يولد لأب وأم مجهولين ويترعرع لدى جده وجدته فقط.
ولكن قررت المحكمة الموافقة على طلب هؤلاء الوالدين مدعية أن الشخص الذي ليست لديه شريكة حياة يرغب في متابعة نسله. كما أنه في وقتنا هذا الذي تلد فيه النساء أطفالا من حيوان منوي من متبرع، لم تعد هناك أهمية للمبنى الأسري التقليدي.
قانون الاستمرارية
أضحى الوضع القضائي في يومنا هذا معقدا. على العائلات التي ترغب في سحب الحيوانات المنوية من ابنها الراحل بهدف ولادة أحفاد، أن تتوجه إلى المحكمة ولكن عندها تواجه معارضة الدولة بشكل تلقائي.
على الكنيست الإسرائيلي اليوم دفع هذه القضية قدما جدا. وفق مشروع القانون الذي قُدّم مؤخرا، ولم يُصادق عليه بعد، والذي يتطرق إلى الجنود أو الشهداء الذين ماتوا أثناء خدمتهم العسكرية، ففي حال كان الحديث يجري عن جندي متوفي يحق لشريكة حياته أو والديه أن يطلبوا سحب الحيوانات المنوية منه في غضون 72 ساعة منذ الإعلان عن وفاته.
“في حال ترك الجندي الراحل تعليماته خطيا، يتم العمل بموجبها. وإذا لم يحدث ذلك، يحق لزوجته أو شريكة حياته الثابتة فقط أن تحملا بعد عملية إخصاب بين بويضاتهما وحيواناته المنوية. في حال لم يترك الجندي الراحل تعليماته الخطية، ولم تكن زوجته أو شريكة حياته الثابتة معنيتين بإنجاب أطفال من حيواناته المنوية ولم يكن لديهما أولاد منه، أو لم تكن امرأة أو شريكة حياة أخرى لدى الجندي الراحل، يحق لوالديه أو أي منهما التوجه إلى المحكمة وطلب استخدام حيواناته المنوية لإخصاب بويضة لامرأة ليست شريكة حياته”، هذا وفق نص مشروع القانون.