هل الصراع العربي – الإسرائيلي الذي نعرفه قد وصل إلى نهايته؟ وفق كلمات مأمون فندي المثيرة للاهتمام والتي نُشرت أمس الأول في “الشرق الأوسط”، يبدو أنّ الإجابة هي نعم. يمكننا الافتراض أنّ هذه الكلمات تعكس بأمانة رأي الأسرة السعودية المالكة.
حسب كلامه، فبينما وقفت إسرائيل في الحروب السابقة في 1948، 1967 و 1973 أمام العالم العربي، فإنّ قطر اليوم هي الدولة العربية الوحيدة التي تدعم حماس، وتقف معها تركيا وإيران اللتين ليستا عربيّتين. حسب ادعاء فندي فهذا استمرار مباشر لحرب 2006، والتي مثّل فيها حزب الله المصالح الإيرانية في الحرب بين إيران وإسرائيل والتي قامت على الأراضي اللبنانية.
حسب كلام فندي، فإنّ تدخّل إيران المتزايد باعتبارها دولة دينية شيعية وتركيا باعتبارها إخونية تطمح لقيادة العالم السني، هو تجسيد لظاهرة يمكن تسميتها “تديين الصراع”.
بينما كان الأمر في الماضي صراعًا قوميًّا بين الحركة الصهيونية وبين الحركة الوطنية الفلسطينية، فمنذ أن أخذت حماس زمام الريادة ودخلت إيران وتركيا في الصورة؛ هي اليوم حرب دينية.
ويأخذ هذا الأمر فندي إلى السؤال الأساسي وإجابته: “هل طبيعة الصراع هي التي تغيّرت، أم أن غطاءً قوميًّا زائفًا كان يغطي هذا الصراع، ويصبغه بصبغة قومية والآن يرد إلى جوهره وأصله ليكشف عن مكنون صراع ديني في الأساس”؟ وذلك بخلاف نية إسرائيل الأصلية لتقليص الصراع وإظهاره كعملية محدودة على قطاع غزة فحسب. إلى جانب ذلك، فإنّ الظهور العسكري لحماس أمام الجيش الإسرائيلي أنشأ حربًا غير متكافئة، حيث “ستبقى مفاهيم النصر والهزيمة ضبابية تمامًا”.
ولذلك يستنتج فندي قائلا: “نحن أمام حالة من الحروب المستمرة التي تجعل الحرب جزءًا من طبيعة المنطقة”. ولذا فهو يدعو إلى “تقديم قراءة جديدة وتقييم جديد وفهم لطبيعة الصراع”. ويلخّص فندي: “إن أردنا الخروج من المأزق، وبداية الفهم في حالة فلسطين هي الإدراك بأن الصراع لم يعد صراعًا عربيًّا إسرائيليًّا”.
ويستقبل الإسرائيليون قراءة فندي الجديدة للأوضاع بحماسة. وينضمّ هذا المقال إلى التصريحات التي أدلى بها مؤخرًا الأمير السعودي تركي الفيصل من على نفس المنبر، حيث قال إنّ “غطرسة حماس أدت إلى وقوع مجازر غزة”.
يتزايد في إسرائيل الإدراك بأنّ الحلّ المستقبلي للصراح الإسرائيلي الفلسطيني، سيتضمّن، بشكل أو بآخر، تدخّلا للأسرة السعودية المالكة. قبل شهرين أعرب وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان عن تأييده للتوصل إلى تسوية إقليمية مع من يسميهم “العالم العربي المعتدل”.
قال ليبرمان حينذاك: “إذا استطعنا أخذ طائرة والطيران من تل أبيب إلى الرياض، وأن نجري معهم بعض الأعمال؛ فسيكون ذلك واقعً مختلفًا تمامًا”. أكّد ليبرمان في كلامه على المصالح المشتركة بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة في كلّ ما يتعلّق بالقضية الإيرانية، الصراع مع حركة الإخوان المسلمين والحرب الأهلية في سوريا.
وبقي الآن استيضاح إذا كانت مقالات فندي والفيصل تعكس حقّا الموقف السعودي الرسمي، وإذا ما كانت إسرائيل مستعدة لدفع ثمن التعاون مع المملكة العربية السعودية، وهو قبول مبادرة السلام العربية التي تدعو إلى انسحاب إسرائيل الكامل من حدود 1967.