لم تسترح السعودية على أمجاد الماضي وتستعد لاتفاق نووي محتمل بين إيران والقوى العظمى والذي قد يعيد بناء خصمها الشيعي الفارسي. بخلاف رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فقد تجنّب ملك السعودية التظاهر العام ضدّ إيران، وبدلا من ذلك ركّز على تحالفاته الإقليمية من أجل الحدّ من صعود الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ومعنى ذلك، قبل كل شيء، تعزيز الوحدة بين دول الخليج العربي. هناك تحالف قوي لدى السعودية مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، ولكن كلا من عُمان وقطر غير مستعدّتين للتخلّي عن علاقاتهما الثنائية المربحة مع طهران. ويمارس الملك السعودي، سلمان، في هذه الفترة، ضغوطات على كلا البلدين من أجل التمسّك بوحدة خليجية وعدم السماح بالتآمر الإيراني.
وتعتبر اليمن اليوم ساحة المعركة الرئيسية لدول الخليج. أدّت سيطرة المتمردين الشيعة الحوثيين على معظم مناطق اليمن الشمالية، بما في ذلك العاصمة صنعاء، بالسعوديين وبقية دول الخليج إلى نقل سفاراتهم للمدينة الجنوبية عدن، حيث يحاولون هناك دعم الرئيس عبد ربه منصور هادي. إنّ افتتاح الخطّ الجوّي طهران – صنعاء، في الشهر الماضي، يؤكّد فقط مدى النجاح الإيراني في الحصول على موطئ قدم عند الجارة الجنوبية للسعودية.
مصر هي شريك رئيسي للسعودية. فقد لعبت المملكة دورا مهمّا في وضع الجنرال عبد الفتّاح السيسي في الحكم، والتقى معه سلمان في الأسبوع الماضي من أجل تنسيق المواقف في قضايا إقليمية، وخصوصا إيران. ولكن القاهرة مشغولة جدّا بتهديد الإرهاب المحلّي لديها، ولذلك فإنها ستجد صعوبة في مساعدة السعوديين في صراعهم الإقليمي ضدّ إيران.
ولا تُعتبر الحكومة الشيعية في بغداد، منذ زمن طويل، شريكا بالنسبة للدول العربية المعتدلة. يتوقع السعوديون أن تكون إيران هي المنتصر الأكبر في الحرب ضدّ الدولة الإسلامية (داعش)، والتي تجري على أرض العراق. تساهم إيران في معركة الجيش العراقي ضدّ داعش، وتجد الرياض صعوبة في استيعاب الواقع الذي يعني المشاركة الإيرانية في اتخاذ القرارات العراقية.
لا تزال سوريا أيضًا تحت السيطرة الإيرانية، بواسطة الحليف العلوي بشار الأسد. ومع ذلك، لا تزال السعودية على أمل بأن تتمّ الإطاحة بالرئيس. قدّم السعوديون مبالغ كبيرة من المال للجيش اللبناني من أجل مواجهة تنظيم حزب الله عند الحاجة. والتقى سلمان أيضًا مؤخرا مع ملك الأردن عبد الله ومع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ولا ننسى كذلك باكستان، والتي تُعتبر اليوم حليفًا رئيسيا للسعودية. باكستان هي الدولة المسلمة الوحيدة التي تملك سلاحا نوويا. فقد موّلت السعودية على مرّ السنين جزءًا من تطوير البرنامج النووي الباكستاني، وهي ترغب الآن بالحصول على “مساعدة” نووية ضدّ إيران. وكجزء من هذا التوجه، أجرى رئيس الحكومة الباكستانية زيارة للرياض، بدعوة من الملك السعودي. وقد طرحت شبكة الأخبار فوكس احتمال أنّ ذلك هو جزء من الخطّة الاحتياطية النووية السعودية والتي تهدف إلى منع سباق التسلّح النووي الإيراني.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت بيانات نشرها مؤخرا معهد البحوث HIS بأنّ السعودية هي أكبر مستورد للسلاح في العالم اليوم. نما الإنفاق السعودي على الأسلحة بأكثر من 50% في العام الماضي وبلغ 6.5 مليار دولار.
نشر هذا المقال لأول مرة على موقع ميدل نيوز