من خلال بحث سهل في “جوجل” عن مصطلح “الرقص الشرقي” باللغة العبرية، نحصل على عشرات آلاف النتائج، بدءا من دروس الرقص الشرقي في إسرائيل، مرورا بأفلام فيديو لعروض رقص، وبيع تذاكر، وصولا إلى تشكيلة من إمكانيات طلب راقصة شرقيّة في حفلات خاصة.
في السنوات الماضية، أصبح الرقص الشرقي في إسرائيل، الذي كان يهتم به في الماضي يهود الدول العربية فقط، مصدر اهتمام لدى الكثيرين. تتعلم النساء في كل الأعمار ومن كل الطوائف والأديان الرقص الشرقي تحديدا ويرقصن.
“هذا الرقص روحاني.. يتميز بقوة كبيرة بالارتباط بالأرض، وبالقوة الذاتية، والمحبة. فهو يدب الفرح في القلوب.”
في كل عام، وهذا العام للمرة الـ 12 على التوالي، يُجرى في مدينة إيلات “مهرجان إيلات للرقص الشرقي”، وهو المهرجان الأكبر في العام، تشارك فيه راقصات ومعلمات رقص من كل العالم، ويستمر لأربعة أيام ويتضمن ورشات عمل، دروسا، تقديم العروض، وحفلات الرقص الشرقية بالتأكيد. تجرى خلال السنة عدة مهرجانات، ورشات عمل ودروس رقص شرقي، بمستوى أصغر.
كيف يمكن شرح الشعبية المتكررة للرقص الشرقي؟ هناك من ينسب ذلك إلى زيادة الحضارة الشرقية مجددا بشكل عام، وهناك من ينسبها إلى طبيعة هذا الرقص – الشوق، القوة والارتباط بالجسم، التي يأسر جميعها قلوب النساء الإسرائيليات.
في حديث مع ياعيل غلبواع، راقصة شرقيّة إسرائيلية قديمة ومعلمة رقص شرقيّ، تتحدث كيف أصبحت معلمة صدفة، قبل نحو 20 عاما. “شاهدت عرض رقص لراقصة شرقيّة، فأعجبني العرض جدا. في وقت لاحق اقترحت علي صديقتي أن أرافقها إلى دورة رقص شرقي فاستجبت لذلك. لم يكن الرقص الشرقي مشهورا في إسرائيل. انضممت لاحقا إلى فرقة قدمت عروضا أيضًا. أعتقدت أن الرقص سيكون هواية فقط، ولكن عندما انتقلت للعيش في مدينة جديدة، وكان علي العثور على عمل، بدأت بتعليم الرقص الشرقي، وبالمقابل قدمت عروضا ومررت ورشات عمل”. وفق أقوالها.
الراقصة الإسرائيلية ياعيل غلبواع
غلبواع هي مؤرخة، بدأت ببحث تاريخ الرقص الشرقي بحثا معمقا، وهي تقدم محاضرات حول الموضوع في وقتنا هذا. تقول غلبواع: “يشعر الكثير منا أن هذا الرقص قديم جدا”. فظهر التوثيق الأول للرقص الشرقي على مخطوطات وُجدت في بلاد الرافدين (منطقة في العراق) يعود تاريخها إلى الألفية الأولى قبل الميلاد (أي قبل 3.000 سنة)، ولكن من المحتمل جدا أن الرقص الشرقي كان شائعا قبل ذلك بسنوات كثيرة، وفق ما تعتقد غلبواع.
“في السنوات الماضية، هناك راقصات شرقيات مشهورات من إسرائيل يسافرن لتقديم عروض في رام الله وبيت لحم”
ولكن واجهت غلبواع صعوبة عندما بدأت تبحث عن معلومات حول الموضوع. “في التسعينيات لم تكن هناك معلومات في البلاد تقريبًا عن الرقص الشرقي. فإذا كنا نرغب في مشاهدة الراقصات المشهورات، كان علينا البحث عن عروض لهن في القنوات العربية أو محاولة العثور على كاسيتات فيديو كانت منتشرة في المدينة القديمة في القدس. ولكن كان العثور صعبا ونادرا. منذ عصر اليوتيوب أصحبت إمكانية الوصول رائعة، ويمكن رؤية النجمات الكبيرات في العالم العربي والتعلم منهن”.
في الواقع، يمكن أن يشاهد العالم العربي عبر اليوتيب الرقص الشرقي الإسرائيلي والتعلم منه أيضا. هناك الكثير من أفلام الفيديو لراقصات إسرائيليات في النت بحيث يمكن البحث عنها بالإنجليزية، الفرنسيّة، وأحيانا بالعربية.
الراقصة الإسرائيلية أوريت مفتسير في عرض رقص في باريس:
هل قدمت عروضا أمام جمهور عربي؟ هل هناك طلب على هذه العروض في المجتمَع العربي؟
“في الحقيقة، لم يتسن لي الظهور بشكل شخصيّ. ولكني أعرف أن هناك دعوات أحيانا لحفلات وعروض في المجتمَع العربي، رغم أن اليهود هم الذين يطلبونها غالبا” تقول غلبواع مضيفة فجأة معلومات مدهشة: “في السنوات الماضية، هناك راقصات شرقيات مشهورات من إسرائيل يسافرن لتقديم عروض في رام الله وبيت لحم أيضا”. غلبواع ليست معنية بذكر أسمائهن، ربما من الأفضل عدم المس بمصدر كسب رزقهن أو من الأفضل الحفاظ على أمنهن، ولكن من المعروف أن الحديث يدور عن ظاهرة معروفة.
من المفترض أن الطلب على راقصات إسرائيليات يهوديات ليس شائعا في أوساط المجتمع العربي، لأن هناك الكثير من الراقصات العربيات المحترفات والمعروفات. ولكن في السنوات الماضية، بدأت في إسرائيل ظاهرة مثيرة للاهتمام لراقصات شرقيات من أصل روسي تحديدًا. هناك مجموعة سكانية كبيرة من الفتيات الروسيات في إسرائيل، وهناك خبرة لدى الكثير منهن في مجال الرقص الكلاسيكي. يصبح الكثير منهن راقصات شرقيات محترفات، ويقترحن تقديم عروض أمام جمهور واسع أو بشكل خاص، ويحظين بشعبية كبيرة في أوساط اليهود والعرب على حدِّ سواء.
“هذا الرقص شهواني جدا”، تقول غلبواع، “حتى أنه روحاني”. يتميز بقوة كبيرة بالارتباط بالأرض، وبالقوة الذاتية، والمحبة. فهو يدب الفرح في القلوب. يصبح جسمنا آلة موسيقية تعمل وفق الموسيقى. هناك الكثير من التأثير الروسي ويحظى الكثير من الراقصات بخبرة رقص كلاسيكية وقدرة إنجاز رائعة. ولكن في نهاية المطاف، فإن الراقصات الجيدات حقا هن الراقصات التي تحظى بإعجابنا، اللواتي يرقصن من كل قلبهن. مثل فيفي عبده. فهي قادرة على الظهور على المنصة، والتحرك قليلا، من ثم نلاحظ السعادة في قلوب جمهورها، رغم أنها لا ترقص تقريبًا. هذا ما يميز الرقص الشرقي، الارتباط والشعور بالموسيقى من القلب”.
إضافة إلى فيفي عبده، أية راقصة عربية مشهورة أثرت فيك أو تشكل إلهاما لك؟
“من بين الراقصات الكلاسيكيات، أحب تحية كاريوكا، ونعمية عاكف”.