في مثل هذا اليوم قبل 36 عاما بالضبط، الأول من شباط عام 1979، حطّ رجل دين شيعي، كان مجهولا حتى وقت قريب، في مطار طهران وغيّر مع هبوطه وجه العالم الإسلامي ووجه الشرق الأوسط.
يُدعى رجل الدين هذا السيّد روح الله موسوي الخميني، وهو الزعيم السياسي للثورة الإسلامية في إيران عام 1979. تولّى الخميني منصب المرشد الأعلى، وهو المنصب الأهم على الإطلاق في النظام السياسي للجمهورية الإسلامية الجديدة، حتى يوم وفاته (3 حزيران عام 1989).
حوّلت الثورة الإيرانية إيران من دولة مستبدّة، موالية للغرب، ملكية، في ظلّ حكم الشاه محمد رضا بهلوي، إلى جمهورية إسلامية دينية في ظلّ حكم آية الله الخميني.
كانت للثورة مرحلتان: في المرحلة الأولى، تمّ طرد بهلوي من البلاد من قبل ائتلاف لرجال دين مسلمين، ناشطين ليبراليين ويساريّين. وفي المرحلة الثانية، والتي تُسمّى الثورة الإسلامية، تم تنصيب آية الله الخميني في الحكم.
كان الشاه في الحكم من العام 1941، ولكنه أصبح المسؤول الرئيسي عام 1953 فقط، بواسطة ثورة تمّ التخطيط لها بشكل كبير من قبل مسؤولين غربيين (أمريكيين وبريطانيين). عانى حكمه خلال الستينيات والسبعينيات من معارضة مستمرّة من قبل رجال الدين، وكذلك من قبل مدنيين من أبناء الطبقة الوسطى، والذين لم يتمتّعوا بثمار تبذير الشاه، ونادوا بالديمقراطية.
كان نظام الشاه وحشيّا، وكان يعتمد على إحدى أكبر أجهزة الشرطة وأكثرها شرّسة في العالم؛ السافاك. ومن بين أمور أخرى، فقد تمّ اعتقال المئات من النشطاء السياسيين وتم سنّ قوانين رقابية صارمة. بالإضافة إلى ذلك، فمن المعروف عن عهد الشاه بأنّه عهد علماني صارم بهدف فرض الخصائص الغربية على إيران.
بدأت عام 1978 سلسلة من الاحتجاجات العنيفة، والتي اندلعت، على ما يبدو، في أعقاب مقال نُشر في الصحافة الرسمية والذي هاجم الخميني. أدّت انتقادات الرئيس الأمريكي جيمي كارتر اللاذعة بخصوص انتهاك حقوق الإنسان من قبل النظام، إلى امتناع الشاه عن الأمر باستخدام الوسائل العنيفة في تفريق المظاهرات. ولّدت الاحتجاجات موجة شديدة من العنف القاسي، حتى ملأ أكثر من مليوني شخص شوارع العاصمة طهران في 12 كانون الأول.
تركّز جزءٌ كبير من الاحتجاجات في ميدان آزادي في المدينة. بدأ الجيش بالانهيار عندما رفض الجنود إطلاق النار على المتظاهرين وبدأوا بتأييدهم. ويبدو أنّ الشاه لم يكن على بيّنة من خطورة الوضع، بسبب وجوده في المراحل الأخيرة من مرض السرطان، ولحقيقة أنّه كان محاطا بمن “يقولون نعم”، والذين لم يجرؤوا على تحطيم أوهامه. وافق الشاه على تقديم دستور أكثر اعتدلا، ولكن كان الوقت حينذاك متأخّرا جدّا لتقديم تنازلات. كان معظم السكان موالين للخميني، وأدى ذلك إلى النهاية المطلقة للحكم الملكي. اختار الشاه مغادرة إيران إلى المنفى في 16 كانون الثاني عام 1979 وترك البلاد بيد حكومة مؤقّتة.
عاد الخميني إلى إيران من فرنسا في 1 شباط. لقد عاد بواسطة مجموعة من معارضي الشاه في الوقت المناسب، وأسّس الجمهورية الإسلامية والتي يتزعّمها باعتباره الزعيم الروحي. إنّ الشهادات التاريخية من تلك الفترة، أي إقامة الخميني لأربعة أشهر فقط في باريس، جعلت الخميني الرجل الذي سيقود – كما يبدو – الثورة وسيُسقط نظام الشاه. جاء في تلك الشهادات أنّ شخصية الخميني كانت قوية جدّا: لقد عمل يوميّا ما بين 12-14 ساعة، وأجرى مقابلات مع الإعلام في 132 مرّة، نشر 50 تصريحا وألقى خطابات أمام 100000 إيراني جاءوا إلى منزله بمعدّل أكثر من 1000 شخص لليوم.