تصعيد في هضبة الجولان: وصل التدخل في الحرب الأهلية في سوريا، أمس، إلى ذروة جديدة، عندما تمت مهاجمة سيارة إسعاف تابعة للجيش الإسرائيلي؛ كانت تُقل مُصابين سوريين من جانب الحدود، على أيدي عشرات الدروز من قرية مجدل شمس، على سفوح جبل الشيخ. بعد سيطرتهم على سيارة الإسعاف، قام الشبان الدروز بالتعرض للجرحى الذين كانوا فيها، قُتل أحدهما وكانت إصابة الثاني بالغة. أُصيب اثنان من جنود الجيش الإسرائيلي بإصابات خفيفة في هذه الحادثة.
جاءت هذه الحادثة بعد محاولات عديدة قام بها الدروز للضغط على الحكومة الإسرائيلية للتدخل في الحرب ومساعدة إخوتهم الدروز في سوريا، الذي يقعون تحت تهديد داعش وجبهة النصرة، ويخشون من القيام بمجزرة ضد الطائفة. وقعت قبل يومين حادثة مُشابهة حيث تمت مهاجنة سيارة إسعاف، كانت تُقل مُصابين سوريين، لكن الحادث كان بسيطًا ولم تقع إصابات.
من الجدير بالذكر أن دروز مجدل شمس يعتبرون أنفسهم سوريين ويُحافظون، منذ سنوات، على ولائهم لنظام بشار الأسد. شاعت أخبار، في المدة الأخيرة، عن أن مجزرة وقعت بحق الدروز في جبل الدروز وقرية حضر المحاذية للحدود. يبدو أن إسرائيل قررت عدم التدخل مُباشرة في القتال، من أجل الدروز، في سوريا، إلى جانب مُقابلة أجراها التلفزيون الإسرائيلي مع مُصابين سوريين، قالوا فيها إنهم مُستعدون لمهاجمة الدروز، الأمر الذي أثار غضب أبناء الطائفة.
لم يتضح بعد إن كان الجرحى الذي كانوا في سيارة الإسعاف هم من المتمردين السوريين، كما يدعي الدروز، أو أنهم مجرد مواطنين سوريين عاديين؛ كما صرح المُتحدث باسم الجيش، إلا أنه على ما يبدو فإن خبر دخولهم كان ناتج عن مشاهدات على منطقة الحدود، بمساعدة معلومات داخلية تم تسريبها من الداخل. الكثير من أخصائي تقديم الخدمات الطبية المساندة، المتطوعين والجنود الذين يقومون بإخلاء المُصابين من سوريا هم من الدروز، ليستطيعوا التواصل معهم بلغتهم، لذا يُخشى أن أحد أبناء الطائفة هو من سرب تلك المعلومات الخاصة بموعد إخلاء وهوية المُصابين.
تؤكد إسرائيل على أن المُصابين الذي تُخليهم وتُدخلهم إلى أراضيها ليسوا من المُقاتلين، بل مواطنين عاديين، نساء وأطفال فقط. إلا أنه منذ وقت طويل وهنالك حديث عن أن إسرائيل تُقدم لمصابي جبهة النصرة العلاج والمساعدة الإنسانية، مُقابل الاستمرار بمحاربة قوات الأسد وحزب الله، وإضعاف قُدرات أعداء إسرائيل.
إلا أن إسرائيل ترفض، وبحق، التدخل المُباشر في الحرب الدائرة قرب حدودها. مصلحة نظام الأسد معاكسة لذلك بالطبع، حيث يتمنى النظام أن تتدخل إسرائيل بالحرب، الأمر الذي سيساعده على إضعاف مُعارضيه، الذين سيضطرون للقتال على جبهة أُخرى، وتحسين صورته من خلال قتاله لليهود وليس لأبناء شعبه. حذّر محللون إسرائيليون من أن نشاط دروز الجولان، الداعمين لنظام الأسد، يعملون على جر إسرائيل للدخول في الحرب.
غير أنه في إسرائيل يُنظر إلى تلك الحادثة بأنها حادثة خطيرة جدًا. شجب الشيخ الروحي للطائفة الدرزية هذه الحادثة وأوضح أن الحديث هو فقط عن بعض الهمجيين الذين لا يُمثلون مواقف أبناء الطائفة. قال وزير الدفاع، موشيه يعلون، إن الحديث عن “حادثة خطيرة ولا يمكننا تجاهلها، وسيتم التعامل مع هذا الأمر بيد من حديد من قبل الأجهزة المُختصة بإنفاذ القانون… يُنافي هذا الأمر قيم الدولة ومبادئها، التي تتمثل أيضًا بتقديم العلاج الطبي لأغراض إنسانية، للمصابين السوريين ولكل إنسان يحتاج لذلك. لن تؤثر مجموعة صغيرة وهمجية على تحالف دولة إسرائيل مع مواطنيها الدروز ولن تستطيع تشويه وجه الطائفة”.
إذًا، يبدو أن إسرائيل لا تنوي التدخل في القتال في سوريا. إلا انه، على ما يبدو، ستضطر للتفكير من جديد بكيفية التعامل مع دروز الجولان، الذين يتوقون لإنقاذ أبناء طائفتهم الذين يهددهم الخطر في سوريا، بأي ثمن.