إنّ محاولة تتبّع صراعات الوراثة في شاس، التي تتطور قرب سرير الحاخام عوفاديا يوسف، محكومة بتحليل شفرة معقدة. أبناؤه وبناته، أصهاره وكناته، وزراء شاس، الحاخامات الرئيسيون لإسرائيل في الماضي والحاضر – الجميع ضدّ الجميع في صراع مرير وعلني، يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تهديد وحدة الحركة السياسية الهامة.
يمكث يوسف، 93 عامًا في قسم القلب في مستشفى هداسا عين كارم، قيد التنفس الاصطناعي والعلاج بأدوية ثقيلة بعد جراحة لاستبدال منظّم القلب المؤقت بمنظم مؤقت جديد. ووفقًا لتقارير أخيرة من المستشفى، فإنّ أداء جسمه ضعيف، وهو في حالة حرجة، ولكن مستقرّة.
بدأ جو النزاع حول يوسف قبل سنوات، لكن مع كل مكوث له في المستشفى، يتفاقم الأمر. وليس الحديث عن وضعه الجسدي، المتفاقم أصلا نظرًا لسنّه المتقدمة. يخشى رئيس شاس، أريه درعي، الذي عاد إلى قلب العائلة وإلى العمل السياسي للحزب بعد 12 سنة نفي من تنصيب وريث روحي وسياسي ليوسف، لا سيّما من الشخصية الهامة للحاخام الرئيسي سابقًا، شلومو عمار.
على هذه الخلفية، فإنّ نشر السبق في جريدة معاريف يوم الإثنين الماضي، الذي ينقل عن مقرّبي الحاخام عمار قولهم إنّ الحاخام عوفاديا يوسف عيّن عمار وريثًا له، قرب سريره في المستشفى حين زاره عمار يوم الأحد الماضي، أثار فوضى عارمة.
فوفقًا للتقرير، بعد أسابيع وشهور من الخلافات الحادّة، بدأ تقارُب الرجلَين منذ رأس السنة العبرية، حيث قام الحاخام شلومو عمار بزيارة عوفاديا يوسف خمس مرّات على الأقل. يوم السبت الماضي، تلقت زوجة عمار، مزال، اتصالًا من ابنة الحاخام يوسف، يهوديت يوسف، لتقوم الأخيرة بدعوة عمار للمستشفى يوم الأحد، حيث نال مباركة وكلمات دافئة من يوسف المسنّ.
“من ناحية الحاخام عمار، لم يكن الأمر مجرد زيارة مرضى ساذجة، بل مراسيم تنصيب غير رسمية للحاخام القادم، الزعيم الروحي لليهود الشرقيين، وطبعًا لـشاس”، جاء في خبر شالوم يروشلمي في صحيفة معاريف.
وكما ذُكر، أحدث النبأ اضطرابًا، حيث إنّ إيلي يشاي مع عمار في جانب، وأريه درعي مع الحاخام يتسحاق يوسف (نجل عوفاديا يوسف)، الذي عُيّن حاخامًا رئيسيًّا مؤخّرًا، من الجانب الآخر.
يتّهم كل من الطرفَين الطرَف الآخر بتدهور وضع الحاخام، الذي تمسّ أنباء من هذا النوع بصحته وتقرّب أجله، وفقًا للجانبَين كلَيهما.
في الحالتَين، تحبس دولة كاملة أنفاسها، مع كل نفَس للحاخام عوفاديا يوسف، بسبب قوته السياسية الهامّة، إذ يمتلك 11 مقعدًا في الكنيست. تمرّ شاس في فترة إشكالية جدًّا من حياتها. لم تُؤدّ عودة درعي للحياة السياسية إلى حصد الثمار المرجوّة في صناديق الاقتراع، ولم يستطيعوا استعادة إنجازات الماضي (15 مقعدًا). وبعد سنوات طويلة في السلطة، تُركت شاس في المعارضة، فيما النجمان الجديدان في سماء السياسة الإسرائيلية – وزير المالية يائير لبيد ووزير الاقتصاد نفتالي بينيت – يحتلّان مقاعد الائتلاف.
خلال سنواته كرئيس للحزب، اعتُبر إيلي يشاي زعيمًا محبوبًا في شاس، لكن عديم الشعبية لدى الشعب، خصوصًا بسبب مواقف متطرفة وقحة ضدّ المهاجرين طلبًا للعمل، وضدّ اللواطيين والسحاقيات. أمّا الرئيس الحالي، أريه درعي، فأكثر شعبيةً لدى الجمهور الواسع، ورغم إداناته في الماضي، فإنّ أوساطًا يساريّة تراه قابلًا للنقاش، وشخصًا يُحتمَل أن ينضمّ لائتلاف يسار – وسط في المستقبل، إذا كانت الظروف السياسية مناسِبة.