من يُريد أن يفهم المُجتمع الإسرائيلي أو على الأقل جزءًا من تعقيداته، عليه أن يُلاحظ الفجوة الثقافية بين الذين تعود أُصولهم إلى الدول الشرقية – وبين الذين تعود أُصولهم إلى دول أوروبا (الشكناز).
عام 2015، كان هو العام الذي وصل فيه الصراع طويل السنوات، بخصوص الهيمنة الثقافية وتعريف من هو إسرائيلي، إلى ذروته عندما فاز حزب الليكود (الذي يحظى بتأييد غالبية الشرقيين) بالحكم ثانية. تم تعيين نائبة الكنيست ميري ريغيف (من حزب الليكود)، التي هي بحد ذاتها شخصية مُعقّدة ومن أصول شرقية، كوزيرة للثقافة ووعدت بتنفيذ مهمات كثيرة. والأهم من بينها: زيادة نسبة تمثيل الثقافة الشرقية في وسائل الإعلام الاجتماعية الإسرائيلية.
عمومًا، تنعكس الثقافة الشعبية في أي مُجتمع، من بين وسائط عديدة، من خلال المُحتوى الذي يعرضه التلفزيون الخاص بالمُجتمع. في إسرائيل، عندما ننظر إلى التمثيل، من خلال الشخصيات التي تظهر على الشاشة، يمكن أن نلاحظ اختلافا جوهريَّا. تم استبدال الهيمنة المعروفة لشخصية الشكنازيّ الأسطوري، الشمالي، أبيض البشرة، من الكيبوتس أو من شمال تل أبيب، ببرامج كثيرة تحمل شخصية الإسرائيلي الشرقي القادم من أطراف البلاد، أو بشخصية تحمل “صفات شرقية” والتي أصبحت أكثر شيوعًا ومحبوبة ومطلوبة جدًا.
تشغل الجهود التي تبذلها ميري ريغيف بال الإسرائيليين في هذه الأيام، ويدور الحديث عن الجهود المُتعلقة بإدخال المزيد من الموسيقى الشرقية ضمن برامج أشهر محطة إذاعية إسرائيلية والنضال الذي يخوضه منتجو التلفزيون من أجل تخصيص حيز مُساوٍ بين الثقافة الشرقية والغربية.
ومن جهة، يدّعي مُنتجون شرقيون أن هناك تمييز كبير بقبولهم، بالإجماع، في الثقافة الإسرائيلية العامة، ومن جهة أُخرى، هناك ادعاءات ضدهم تقول إن أعمالهم تبعد سنوات ضوئية عن الثقافة الشرقية الأصيلة وأن ما يُنتجونه لا يتعدى كونه “ثقافة سريعة وتافهة”، لا تحترم تُراثهم.
لا شك أن دعم الثقافة الشرقية هام جدًا لخلق ذلك الاختلاف الاجتماعي وجسر الهوة الاجتماعية في إسرائيل. ولا شك أن هذه حاجة مُلحة من شأنها أن تُحرك عملية لا مثيل لها – استعدادا لاحتواء كل فئات المُجتمع وخلق شعور من المشاركة، الانتماء، الاكتراث والتقدير الذاتي. سيخدم دعم الثقافة الشرقية، وترويجها، ليس فقط المواطنين الشرقيين والشرقيات في الدولة، بل أيضًا غالبية فئة الشكنازيين المُهيمنة بحيث ستحظى بتوسيع تناغم الحوار الاجتماعي – الثقافي الخاص بها.
https://www.youtube.com/watch?v=kFV_K_fMiQI
ومن وجهة نظر شخصية، من خلال مُعطيات نُشرت هذا العام ضمن مُداولات لجنة التربية، الثقافة والرياضة في الكنيست، في موضوع الثقافة العربية وتمثيلها في الحيز الجماهيري اتضح أن الاستثمار في الثقافة العربية يصل إلى نسبة 3% فقط، من ميزانية الثقافة عمومًا. وطالما أننا نتحدث عن المساواة فأعتقد أن الثقافة العربية الغنية جدًا تستحق مكانًا مُحترمًا ضمن فُسيفساء المُجتمع الإسرائيلي.