يستمر قانون تجنيد الحاريديين لخدمة الجيش الإسرائيلي في إثارة النظام السياسي في إسرائيل، حيث إنّ كل طرف يحاول السحب باتّجاهه. يحاول الحاريديون والأحزاب الحاريدية، والذين هم لأول مرة ليسوا جزءًا من الائتلاف الحكومي في إسرائيل، منع خطر القرار والموافقة على قانون تجنيد الشباب الحاريديين لخدمة الجيش الإسرائيلي، ومن جهة أخرى فإنّ أحزاب المركز ووزراء الحكومة الكبار ليسوا مستعدّين لتقديم تنازلات بل ويهدّدون بتشريع قانون عقوبات جنائية لكل أولئك الذين سيختارون التهرّب من الخدمة العسكرية بالكامل.
على خلفية هذه الأمور، إضافة إلى اعتقال طالب حلقة دينية لم يمثل أمام لجنة التجنيد التي دُعي إليها، قام الحاريديون بأعمال شغب عنيفة ومظاهرات في مختلف أرجاء البلاد.
يتظاهر المئات من المتديّنين اليهود في مفترقات مختلفة في إسرائيل، وقد تم اعتقال بعض منهم بسبب إخلالهم بالنظام ومهاجمة أفراد الشرطة. وفجر المتظاهرون وسائل تفجيرية وهاجموا الحواجز التابعة للشرطة، وحتى أنهم ألحقوا الإصابة بشرطي.
يصر الحاريديون من جهتهم على الاحتفاظ بالوضع الذي يسود منذ سنوات وسيقاتلون حتى آخر رمق ضد القانون الجديد.
وقد منح قانون تال، الذي ألغي قبل عامين، بأمر من المحكمة العُليا، على مدى عشرات السنين إعفاءً للآلاف من الشباب والشابّات الحاريديين، الذين يريدون تعلّم التوراة، من الخدمة العسكرية كما يتطلّب وفقًا للقانون من كلّ شابّ أو شابّة إسرائيليّين ممن وصلوا إلى سنّ 18 عامًا.
إلا أنّ الحكومة الحالية لنتنياهو، والتي تضمّ في عضويّتها كل من وزير المالية يئير لبيد من حزب “هناك مستقبل”، ووزير الاقتصاد والصناعة الوزير نفتالي بينيت، من حزب “البيت اليهودي”، تسعى منذ مدّة طويلة إلى سن قانون ينبغي أن ينظّم موضوع المساواة في العبء، وإعطاء حلّ لقضية تجنيد الحاريديين.
ونقطة الخلاف في القانون، الذي تمّت الموافقة عليه في القراءة الأولى في الكنيست، والمخطّط له أن يمر في القراءة الثانية والثالثة لإقراره النهائي حتى أواسط شهر آذار هذا العام، هي: هل نفرض عقوبة جنائية على أولئك الذين يرفضون الخدمة، أم نفرض عقوبة اقتصادية ثقيلة.
وفي هذه الأثناء، فإنّ أعضاء الكنيست من حزب “هناك مستقبل”، والذي كما ذكر صعد إلى الحكم بفضل وعوده بتحقيق تغيير كبير في قضية تجنيد الحاريديين، يسعون إلى إدخال فرض عقوبات وخيمة من نوع العقوبات الجنائية إلى بنود القانون ضدّ كلّ المتهرّبين. رغم ذلك، يحاول حزب “البيت اليهودي” تليين القانون ووضع عقوبة اقتصادية على جميع أولئك الرافضين للتجنيد.
وبطبيعة الحال فإنّ العاصفة لا زالت في بدايتها، ويبدو أنّ كلّ مجتمع في إسرائيل يستعدّ لحرب حقيقية ابتداءً من الأسبوع القادم للتصويت على بنود القانون المختلفة. وتقف حكومة نتنياهو أمام تحدٍّ كبير لأنّ رجال حزب “هناك مستقبل” برئاسة وزير المالية، يائير لبيد، يهدّدون بأنّه فيما لو لم يتضمّن القانون الجديد بنودًا في العقوبات الشديدة فإنّهم سينسحبون من الحكومة.
وفي الوقت نفسه وراء الكواليس، كما ذكرت صحيفة معاريف هذا الصباح، يتم الاتفاق على التلخيصات الأخيرة بين الأطراف، ويبدو أنّه لم يتبقّ الكثير من الوقت حتى إنهاء القانون والموافقة عليه، حيث تحفّز محكمة العدل العليا أعضاء الكنيست على إنهائه.
ووفقًا للمخطّط، فإنّ الحكومة ستحدّد هدفًا لتجنيد الحاريديين؛ وفي حال وصل عدد الشبّان الحاريديين الذين سيتجنّدون، فلن تُفرض عقوبات على أولئك الذين لن يتجنّدوا. وهذا يعني أن رجال “هناك مستقبل” الذين طالبوا بالتجنيد الكامل؛ مستعدّون لتقديم التنازلات طالما فرضت عقوبات جنائية في حالة عدم تحقيق الأهداف. وبالنسبة لسنّ التجنيد فيبدو أنّ كل حاريدي سيمثل في سنّ 18 في مراكز التجنيد ويختار إنْ كان سينضمّ إلى الجيش الإسرائيلي، أو الخروج إلى الخدمة المدنية أو تلقّي إعفاء لسنة في كلّ مرّة من جديد. وبطبيعة الحال، فقد تمّ تحديد قيود على الإعفاء وهي حتى ست سنوات من التأجيل.
يبدو أن الفقرة الساخنة والمليئة بالتحدّي خصوصًا لنتنياهو وائتلافه لا تزال أمامنا، ومن المثير للاهتمام أن نرى كيف سيؤثّر ذلك على نوايا الحكومة المستقبليّة في تطبيق قانون التجنيد أيضًا على عرب إسرائيل، والذين لا يخدمون كما هو معروف حتى اليوم في صفوف الجيش الإسرائيلي.