يغلي النظام السياسي في إسرائيل كالقدر قُبَيل الانتخابات، التي ستُقام في 17 مارس (آذار). شهد معظم الإسرائيليين أنّ الموضوع الرئيسي الذي من شأنه أن يؤثر على قرار تصويته هو غلاء المعيشة، بينما ينزعج آخرون من القضايا الأمنية. وفي الوقت الذي يهتم فيه رئيس الحكومة، نتنياهو، وأحزاب اليمين بالشأن الأمني، تسعى أحزاب اليسار والوسط إلى التأكيد على الشأن الاجتماعي – الاقتصادي.
وهكذا يحدث أنّ الشأن السياسي، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي شغل في الماضي مكانا رئيسيا في المعركة الانتخابية، يُدفع إلى هامش المعركة الانتخابية الحالية. ومع ذلك، فلا يزال هو الموضوع الأكثر تمييزا عن غيره بين الأحزاب المختلفة في إسرائيل.
إذن فكي نعلم قليلا ممّا يحدث في السياسة الإسرائيلية قمنا بتنظيم بعض الأمور من أجلكم: ما هو موقف كلّ واحد من الأحزاب بخصوص الدولة الفلسطينية والتوصل إلى اتفاق سلام؟ من يؤيّد إخلاء المستوطنات ومن يؤيّد تبادُل الأراضي؟ كلّ ما تريدون معرفته عن الانتخابات الإسرائيلية والدولة الفلسطينية:
الليكود: حزب الليكود هو الحزب الحاكم اليوم في إسرائيل، وهو يمثّل اليمين التقليدي في السياسة الإسرائيلية، ويؤكّد بشكل أساسيّ تحت قيادة نتنياهو على التهديدات الأمنية. في كلّ ما يتعلّق بالمجال السياسي، يؤكّد برنامج الحزب بأنّ “الليكود على استعداد لتقديم التنازلات مقابل السلام، تنازلات مثل تلك التي قام بها مناحم بيجن في عهد السلام مع الرئيس المصري، أنور السادات؛ وهو تنازل ضمن اتفاق سلام حقيقي وموثوق”.
ومع ذلك، جاء بعد ذلك فورا “نحن لا نؤمن بأنّ الفلسطينيين على استعداد لتسوية تاريخية تنهي الصراع”، ويعرض “خطوطا حمراء واضحة” في كل عملية مفاوضات، والتي في أساسها “حقّ إسرائيل في الدفاع عن حدودها” (بوسائل عسكرية)، معارضة حقّ العودة والحفاظ على القدس الموحّدة.
ولا يتطرّق برنامج الحزب بشكل واضح ولو لمرة واحدة إلى “الدولة الفلسطينية” أو إلى حلّ “الدولتين”. يُذكَر بأنّه في عدة فرص في الشهر الأخير، منذ أن تمّ الإعلان عن الانتخابات، صرّح نتنياهو بالإضافة إلى مسؤولين آخرين في الليكود بشكل يُظهر أنّهم يتنصّلون من “خطاب بار إيلان” الذي اعترف فيه نتنياهو بحلّ “دولتَين لشعبَين”.
البيت اليهودي: على النقيض من الليكود، يتطرّق حزب “البيت اليهودي” تحديدا، والذي هو متعاطف مع المستوطِنين، بشكل واضح إلى الدولة الفلسطينية، وهذا ما جاء في برنامجه: “نحن نعارض أي شكل من أشكال الدولة الفلسطينية من الغرب إلى الأردن… إنّ القيادة الفلسطينية لا تريد أراضي 67 وإنما كل دولة إسرائيل، ولذلك فليس هناك حلّ مثالي في جيلنا”.
يتضمّن البرنامج البديل لدى البيت اليهودي: فرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي الإسرائيلية في الضفة الغربية (المنطقة “ج”) من جانب واحد (أي: ضمّها)، منح المواطنة الكاملة إلى 50,000 عربي ممّن يعيشون في الأراضي الإسرائيلية التي سيتمّ ضمّها، حكم ذاتي كامل مع تواصل جغرافي للمواصلات في الأراضي التي تُسيطر عليها السلطة الفلسطينية. لا يدخل أي لاجئ فلسطيني من الدول العربية إلى داخل الضفة الغربية، الحاجة إلى وجود عسكري في الضفة الغربية بالإضافة إلى فكّ الارتباط الكامل بين غزة والضفة. وفضلا عن ذلك، يتضمّن البرنامج استثمارا اقتصاديا كثيفا للتعايش الحقيقي بين الإسرائيليين والعرب في تلك الأراضي المحتلّة. وغنيّ عن البيان بأنّ كلّ أجزاء هذا البرنامج غير مقبولة على الفلسطينيين، ولا على الغالبية في إسرائيل.
إسرائيل بيتنا: وهو حزب يمينيّ آخر يرأسه أفيغدور ليبرمان. جاء في برنامج الحزب بأنّ “السلام هو رغبة قلوبنا، ولكنه ليس قيمة أعلى من وجود دولة إسرائيل كدولة للشعب اليهودي ومن الأمن المستدام لجميع مواطنيها. إنّنا نمدّ يد السلام إلى أعدائنا، ولكن إذا ما اختاروا طريق الحرب، فعلينا أن نكون عازمين وأن نردّ بحرب ضروس”. يعارض الحزب إخلاء المستوطنات ويدعو إلى تبادُل الأراضي على أساس إعادة تجمّعات سكنية عربية داخل إسرائيل (مثل أم الفحم) إلى الفلسطينيين، ونقل السيادة الكاملة في المستوطنات إلى إسرائيل. تعارض هذه الأحزاب جميع المفاوضات على القدس.
أحزاب الوسط: على النقيض من أحزاب اليمين واليسار، والتي تعبّر عن مواقف واضحة بخصوص الدولة الفلسطينية، وتخصّص مكانا بارزا لهذه القضية في برامجها، تؤكّد أحزاب الوسط على الشأن الاجتماعي – الاقتصادي وتستبعد الشأن السياسي إلى الهامش.
يتوسّع برنامج حزب “كلّنا” كثيرا، وهو حزب جديد برئاسة موشيه كحلون الذي انسحب من الليكود، في كلّ ما يتعلّق بغلاء المعيشة، ولكنّه يكرّس جزءًا صغيرًا جدّا وغامضًا جدّا للشأن السياسي – الأمني، وهذا ما جاء فيه: يهدف الحزب إلى “إنشاء أفق سياسي – أمني لدولة إسرائيل بواسطة العمل الذي لا هوادة فيه للحفاظ على أمن المواطنين الإسرائيليين، جنبًا إلى جنب مع الطموح بالتوصل إلى تسوية سياسية مع جيراننا”.
وقد جاء في موقع حزب “هناك مستقبل“، وهو حزب يائير لبيد، بأنّ “البرنامج ليس متاحا بعد”، ولكنّهم صرّحوا في الماضي بأنّهم دون شكّ مؤيّدون لحلّ الدولتين لشعبين، على أساس حدود عام 67 مع تبادُل الأراضي المتّفق عليه.
حزب العمل: يخوض حزب “العمل”، وهو اليسار التقليدي في إسرائيل، الانتخابات الحالية في قائمة مشتركة مع حزب “الحركة” تحت قيادة تسيبي ليفني، وهي التي قادت المفاوضات في السنوات الأخيرة مع الفلسطينيين. وقد جاء في برنامج الحزب أن “حزب العمل سيعمل جاهدًا من أجل الاستقرار والسلام الإقليمي الشامل، من بين أمور أخرى، من خلال الاتصال بمبادرة السلام العربية، على أساس الاعتراف بحقّ الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، سيعمل حزب العمل على تأسيس اتفاق سلام مستقرّ بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
يؤيّد الحزب وجود دولتين قوميّتين ديمقراطيّتين لشعبين، “واللذين سيعيشان بسلام جنبا إلى جنب. سيتمّ تحديد الحدود النهائية بين الدولتين من خلال المفاوضات بين الطرفين في إطار تبادل الأراضي المتفق عليه. وهناك في البرنامج أيضًا حلّ مقترح لقضية القدس (الأحياء اليهودية لليهود، والعربية للعرب، مع اتفاق دولي في الأماكن المقدّسة). يعارض حزب العمل حقّ العودة إلى داخل دولة إسرائيل.
حزب ميرتس، الذي يُعتبر الحزب اليهودي الأكثر يساريّة على الخارطة السياسية، بل وأكثر من ذلك بما لا لُبس فيه في هذا الموضوع: “في الشأن السياسي، يؤمن حزب ميرتس بأنّ المصلحة الرئيسية لدولة إسرائيل هي إنهاء الاحتلال والتوصل إلى تسوية تقوم في إطارها دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، على أساس حدود عام 1967.ينبغي على إسرائيل اعتماد مبادرة السلام العربية التي دعت إلى المصالحة الشاملة بين العالم العربي وإسرائيل. وفضلا عن ذلك، يجب اتخاذ خطوات فورية لتجميد المشروع الاستيطاني.
وعندما نتحدث عن الأحزاب العربية (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التجمع الوطني الديمقراطي، القائمة العربية الموحدة-العربية للتغيير، والتي ستترشّح في الانتخابات المقبلة ضمن قائمة مشتركة)، فمن الواضح بأنّها جميعًا تؤيّد إنهاء الاحتلال، إخلاء المستوطنات وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس. وعلى النقيض من الأحزاب اليهودية، فإنّ الأحزاب العربية تؤيّد أيضًا حقّ العودة الذي سيمكّن اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم أيضًا داخل حدود عام 1948.