قال الأخضر الإبراهيمي مبعوث السلام السابق لسوريا إن الدولة التي تشهد حربا أهلية دخلت عامها الرابع تتجه لأن تصبح دولة فاشلة يديرها زعماء ميليشيات على غرار الصومال مما يمثل خطرا جسيما على مستقبل الشرق الأوسط.
وأضاف الإبراهيمي الذي استقال من منصبه منذ أسبوع بعد اخفاق محادثات السلام التي جرت بوساطته في جنيف إنه بدون تضافر الجهود للتوصل إلى حل سياسي للحرب الأهلية الوحشية في سوريا “يوجد خطر جدي لأن تنفجر المنطقة بأسرها”.
وقال الإبراهيمي في حديث أجرته معه مجلة دير شبيجل ونشر في مطلع الأسبوع “لن يبقى الصراع داخل سوريا.” وقتل أكثر من 160 ألف شخص في الصراع الذي دخل عامه الرابع.
وقال الإبراهيمي إن الكثير من الدول أساء تقدير الأزمة السورية حيث توقعوا انهيار حكم الأسد مثلما حدث مع بعض الزعماء العرب الاخرين وهو خطأ تسببوا في تفاقمه بدعم “جهود الحرب بدلا من جهود السلام”.
وانجرت دول بالمنطقة إلى الحرب الأهلية حيث تدعم تركيا ودول الخليج التي تحكمها عائلات سنية المعارضة المسلحة والجهاديين الأجانب في حين يلقى الأسد دعما من إيران الشيعية وجماعة حزب الله اللبنانية والشيعة العراقيين.
وتنقسم القوى الكبرى أيضا في الأمم المتحدة بشأن الصراع السوري مما أصاب الجهود الدبلوماسية بالشلل. وضغطت قوى غربية معادية للأسد من أجل اتخاذ اجراء ضد السلطات السورية لكن روسيا والصين استخدمتا حق النقض (الفيتو) لمنع صدور قرارات ضد دمشق.
وقارن الإبراهيمي -الذي استقال من منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى أفغانستان عام 1999- بين سوريا الان وأفغانستان تحت حكم طالبان في الفترة التي سبقت هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 على الولايات المتحدة.
وقال “لم يكن لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أي مصلحة في أفغانستان وهي دولة صغيرة فقيرة وبعيدة. قلت ذات يوم ان الوضع سينفجر في وجوهنا.. (الوضع في ) سوريا اسوأ بكثير.”
وقارن سوريا أيضا بالصومال التي تعاني منذ اكثر من عقدين من الصراع. وقال “لن تنقسم مثلما توقع كثيرون بل ستصبح دولة فاشلة ينتشر فيها زعماء ميليشيا في كل مكان.”
وعززت قوات الأسد قبضتها على وسط سوريا لكن قطاعات من محافظاتها الشمالية والشرقية تخضع لسيطرة مئات الفصائل المسلحة بما في ذلك جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام وجماعات إسلامية أخرى قوية.
وقال الإبراهيمي إن كلا من طرفي الحرب في سوريا ارتكبا جرائم حرب بصورة يومية وإن الجوع استخدم كسلاح في الحرب واحتجز المدنيون كدروع بشرية واستخدمت الأسلحة الكيماوية في المعركة.
وأضاف أن مقاتلي المعارضة مسؤولون فيما يبدو عن واقعة واحدة على الأقل في محافظة حلب في مارس آذار 2013 .
وتابع “من القدر اليسير الذي أعرفه يبدو أنه في خان العسل في الشمال حيث استخدمت الأسلحة الكيماوية للمرة الأولى.. يوجد احتمال أن المعارضة استخدمتها.”
ولم يوجه محققو الأمم المتحدة أي اتهامات مباشرة بشأن المسؤولية عن عدة هجمات كيماوية منها هجوم بغاز السارين قتل المئات خارج دمشق في أغسطس آب الماضي.
لكن فريقا من خبراء حقوق الانسان قال قبل ثلاثة أشهر إن الجناة في خان العسل ودمشق “تمكنوا على الأرجح من الوصول إلى مخزون الأسلحة الكيماوية للجيش السوري.”
وتركزت جهود الإبراهيمي كمبعوث للسلام قبل استقالته على محاولة اقناع الولايات المتحدة وروسيا بالجمع بين الحكومة والمعارضة في جنيف. لكن في النهاية لم يسفر جلوس الطرفين في نفس القاعة عن اي نتائج.
وقال للمجلة الألمانية “لم يمكن لروسيا ولا الولايات المتحدة إقناع أصدقائهما بالمشاركة في المفاوضات بنية جادة.” وأضاف أن مجيء الطرفين كان تحت الضغط وعلى غير ارادتهما.
وذكر أن فريق التفاوض الحكومي لم يذهب إلى جنيف إلا لارضاء موسكو معتقدين أنهم يكسبون الحرب عسكريا. وفضلت أغلب فصائل المعارضة أيضا تسوية الصراع في ميدان المعركة ووصلوا غير مستعدين على الاطلاق.
وقال الإبراهيمي إن السعودية وإيران وهما القوتان الرئيسيتان على جانبي الانقسام الطائفي بين السنة والشيعة في المنطقة يجب “أن تشرعا ليس في بحث كيفية مساعدة الاطراف المتحاربة وإنما في كيفية مساعدة الشعب السوري وجيرانه.”
ورغم الاشارات على حدوث تقارب ما تزال القوتان على حذر تجاه بعضهما البعض. ورفضت السعودية أيضا مقابلة الإبراهيمي مما جعل مهمته في تحقيق توافق في الرأي شبه مستحيلة.
وقال الإبراهيمي “أعتقد أنه لم يعجبهم ما كنت أقوله عن تسوية سلمية ومن خلال التفاوض مع تنازلات من الطرفين.”